ونقل عن ابن الجنيد أنه صرح بتحريم الصيد أيام منى ، وان أحل ، وهذه ظاهرة فيما ذكره ، ونحوها ما تقدم في المسألة الرابعة من الفصل الثالث في الحلق والتقصير من صحيحة معاوية بن عمار ، ورواية كتاب الفقه الدالتين على تحريم الصيد الى بعد طواف النساء.
والتحقيق ان كلام الأصحاب في هذا الباب وكذا الاخبار لا تخلو من تشويش واضطراب ، اما كلام الأصحاب فإنهم ذكروا انه بالحلق والتقصير يحل له كل شيء إلا الطيب والنساء والصيد ، وبطواف الزيارة يحل له الطيب ، وبطواف النساء تحل له النساء ، ولم يذكروا للصيد محللا.
قال في المنتهى ما ملخصه بعد ان عد محرمات الإحرام إذا عرفت هذا : فإنه إذا حلق أو قصر حل له كل شيء ان كان الإحرام للعمرة ، وان كان للحج فقد حل له كل شيء إلا الطيب والنساء والصيد ، ثم ساق الكلام الى ان قال : وإذا طاف طواف النساء حل له النساء الى ان قال : فحينئذ مواطن التحليل ثلاثة : الأول إذا حلق أو قصر حل له كل شيء أحرم منه الا النساء والطيب والصيد ، الثاني إذا طاف طواف الزيارة حل له الطيب ، الثالث إذا طاف طواف النساء حل له النساء ، هذا كلامه رحمهالله.
وهو مع تكراره خال من التعرض لمحل الصيد ، وقد تقدم في المسألة المشار إليها نقل مذهب الشيخ على بن بابويه ببقاء تحريم الصيد الى بعد طواف النساء ، وهو الظاهر من كلامهم هنا بالتقريب الذي ذكرناه ، حيث ذكروا تحريمه بعد الحلق أو التقصير ، ولم يذكروا له محللا.
واما الاخبار فقد تقدمت في المسألة المشار إليها أيضا ، وأكثرها دال على انه بالحلق أو التقصير حل له كل شيء إلا الطيب والنساء وإذا طاف طواف الزيارة حل له الطيب ، وإذا طاف طواف النساء حلت له النساء ، وظاهرها أن : الصيد يحل بالحلق أو التقصير ، ولا قائل به ، بل ظاهر الآية يرده وهي قوله عزوجل (١) «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ» ولا ريب في صدق العنوان عليه ما دام يحرم عليه الطيب والنساء
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ٩٥.