وكيف كان فلا ريب أن الاحتياط يقتضيه.
ثم إنه قال في المدارك على أثر الكلام المذكور : «ولو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم المالك ، فيترك الذبح ثانيا».
أقول : قد تبع جده (قدس الله روحيهما) فيما قدمنا نقله عنه في المقام ، وفيه ما عرفت آنفا ، ونزيده هنا بأن نقول : إن ما ذكره من العلة لا تصلح لأن تكون مستندا للوجوب الذي هو حكم شرعي يترتب على الإخلال به الإثم والعقوبة ، فهو يتوقف على الدليل الشرعي والنص القطعي المنحصر عندنا في الكتاب العزيز والسنة النبوية ، والركون إلى تعليل الأحكام الشرعية وبنائها على مثل هذه التعليلات العليلة مجازفة ظاهرة ، والنص المذكور كما عرفت لا ينطبق على هذا القول.
قال في المسالك : «ثم إنه على تقدير الاجزاء لا إشكال في وجوب الصدقة والإهداء ، أما الأكل فهل يقوم الواجد مقام المالك فيجب عليه أن يأكل منه أم يسقط؟ فيه نظر ، ولعل السقوط أوجه».
وجزم سبطه في المدارك ـ بعد أن استظهر وجوب الصدقة والإهداء ـ بسقوط وجوب الأكل قطعا ، قال : «لتعلقه بالمالك».
أقول : ما ذكراه (نور الله تعالى مرقديهما) من وجوب الصدقة والإهداء لا يخلو عندي من توقف وإشكال ، لأن غاية ما دلت عليه الاخبار المتقدمة هو الذبح عنه خاصة ، والاخبار الدالة على الصدقة والإهداء والأكل (١) إنما وردت بالنسبة إلى المالك إذا ذبحه ، فإنه يجب عليه أن يقسمه أثلاثا على الوجه المذكور ، وبعين ما قالوه في عدم وجوب الأكل
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٤٠ ـ من أبواب الذبح.