في صدر البحث وأخبار الأضاحي ، والاختلاف في الأخبار إنما هو في اخبار الأضاحي ، كما سيأتي إنشاء الله تعالى في محلها ، وكأنه فهم منها الحمل على الهدي ، وهو غلط ، فان حكم كل من مسألة الهدي غير مسألة الأضحية كما هو المذكور في كلام الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم). وأنه أما أراد بالهدي في عنوانه الأضحية فأبعد.
قال في المدارك : «واعلم أن أقصى ما تدل عليه هذه الروايات عدم جواز إخراج شيء من اللحم من منى».
وقال الشارح (قدسسره) : «إنه لا فرق في ذلك بين اللحم والجلد وغيرهما من الأطراف والأمعاء ، بل يجب الصدقة بجميع ذلك ، لفعل النبي (صلىاللهعليهوآله) وفيه نظر لأن الفعل لا يقتضي الوجوب ، كما حقق في محله ، نعم يمكن الاستدلال عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن الإهاب فقال : تصدق به ، أو يجعل مصلى ينتفع به في البيت ، ولا تعطي الجزارين ، وقال : نهى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) أن يعطى جلالها أو جلودها أو قلائدها الجزارين ، وأمر أن يتصدق بها». وروى أيضا في الصحيح عن علي بن جعفر (٢) عن أخيه موسى (عليهالسلام) قال : «سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحى بها أن تجعل جرابا؟ فقال : لا يصلح أن يجعلها جرابا إلا أن يتصدق بثمنها». انتهى.
أقول : أما قوله : «لأن الفعل لا يقتضي الوجوب» فهو وإن كان كذلك لكنك قد عرفت من كلامه في غير موضع مما قدمنا نقله عنه أنه
__________________
(١ و ٢) الوسائل ـ الباب ـ ٤٣ ـ من أبواب الذبح ـ الحديث ٥ ـ ٤.