نعم لقائل : أن يقول لما كان الحكم في غير الأفراد المعدودة في الأخبار المتقدمة هو التخيير بين الحلق والتقصير وإن كان الحلق أفضل فالواجب هنا حمل الأمر بإمرار الموسى الذي هو نيابة عن الحلق على الفضل والاستحباب ، إذ لا يعقل وجوب البدل مع استحباب المبدل منه ، ولا ريب أن ظاهر هذه الأخبار هو ما ذكرناه من غير الملبد وأشباهه ، فيكون الحكم فيه التخيير بين التقصير والحلق ، وحيث تعذر الحلق أمر بالإمرار نيابة عنه ، لقيامه مقامه في الفضل ، والله العالم.
الرابعة :
قد صرح الأصحاب (رضوان الله تعالى عليهم) بأنه يجب أن يحلق أو يقصر بمنى ، فلو رحل رجع فحلق أو قصر بها ، فان تعذر عليه الرجوع حلق أو قصر مكانه وبعث شعره ليدفن بها ، وإن تعذر لم يكن عليه شيء.
فهاهنا أحكام أربعة : (الأول) : وجوب الحلق أو التقصير بمنى ، وهو مقطوع به في كلامهم ، بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق.
واستدل عليه الشيخ في التهذيب بما رواه في الصحيح عن الحلبي (١) قال : «سألت أبا عبد الله (عليهالسلام) عن رجل نسي أن يقصر من شعر رأسه أو يحلقه حتى ارتحل من منى ، قال : يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها ، حلقا كان أو تقصيرا».
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥ ـ من أبواب الحلق والتقصير ـ الحديث ١.