ومات ، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل الى وجهه فخرج الى جبال تهامة فأصابته السمائم (١) واستسقى حتى انشق بطنه ، وهو قول الله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فقام على الحجر فقال : يا معشر قريش ، يا معاشر العرب ادعو كم الى شهادة ان لا اله الا الله ، وانى رسول الله ، وآمر كم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب ، وتدين لكم العجم ، وتكونون ملوكا في الجنة ، فاستهزؤا منه وقالوا : جن محمد بن عبد الله ، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب ، فاجتمعت قريش الى أبي طالب فقالوا : يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا ، وأفسد شباننا ، وفرق جماعتنا ، فان كان يحمله على ذلك الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا ، ونزوجه اى امرأة شاء من قريش ، فقال له أبو طالب : ما هذا يا ابن أخى؟ فقال : يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله ، بعثني الله رسولا الى الناس ، فقال : يا بن أخى ان قومك قد أتونى يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم ، فقال : يا عم انى لا أستطيع ان أخالف أمر ربي ، فكف عنه أبو طالب ، ثم اجتمعوا الى أبي طالب فقالوا : أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا ، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة ، ويقول فيها : ولما رأيت القول لاود بينهم (٢) وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل (٣) وننصره حتى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل (٤)
__________________
(١) السمائم جمع السموم : الريح الحارة.
(٢) قوله : «بينهم» في المصدر «عندهم». والعرى جمع العروة : كلما يوثق به ويعول عليه.
(٣) قوله «يبزى» اى يقهر ويغلب ، قال في البحار أراد «لا يبزى» فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة اى لا يقهر ولم نقاتل وندافع «انتهى» والصحيح كما في الغدير ج ٧ : ٣٣٨ «نبزى» اى نقهر ، وناضل عنه : حامي وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.
(٤) صرعة : طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه : نسيه. والحلائل جمع الحليلة : الزوجة.