وكثر المتفجعون عليه وصبر والده صبرا جميلا ولم يغير هيئته وصلى عليه بجنان ثابت وتكلم في الفقه.
أنبأنا أبو القاسم الأزجي عن أبي الوفاء بن عقيل قال : ثكلت (١) ولدين نجيبين أحدهما حفظ القرآن وتفقه ، ومات دون البلوغ ـ يشير إلى [ولده] (٢) أبي منصور ، والآخر مات وقد حفظ كتاب الله وخط خطا حسنا ـ يشار إليه ؛ فتفقه وناظر في الأصول والفروع ، وشهد بمجلس الحكم وحضر المواكب ، وجمع أخلاقا حسنة ودماثة وأدبا ، وقال شعرا جيدا ، فتعزيت بقصة عمرو بن عبد ود العامري الذي قتله علي رضياللهعنه فقالت أمه ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله |
|
ما زلت أبكي عليه دائم الأبد |
لكن قاتله من لا يقاد به |
|
من كان يدعى أبوه بيضة البلد |
فقلت : سبحان الله!
كذبت وبيت الله لو كنت صادقا |
|
لما سبقتني بالعزاء النساء |
كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا |
|
لما سبقتني بالبكاء الحمائم |
وكذلك أم عمرو كان يسليها ويعزيها جلالة القاتل والافتخار بأن (٣) ابنها مقتوله فهلا نظرت إلى قاتل ولدي وهو الأبدي الحكيم المالك للأعيان المربي بأنواع الدلال ، فهان القتل والمقتول بجلالة القاتل ، وقتله إحياء في المعنى إذ كان أماتهما على أحسن خاتمة ، الأول لم يجر عليه القلم ، والآخر وفقه للخير وختم له بلوائح وشواهد دلت على الخير ، وسألني رجل فقال : هل للطف بي علامة؟ فقلت : أخبرك بها عن ذوق كانت عادتي التنعم ففقدت ولدي فتبدلت خشن العيش ونفسي راضية.
قرأت في كتاب «الفنون» لأبي الوفاء بن عقيل بخطه قال : ولولدي عقيل كرم الله وجهه في إمامنا المستظهر بالله أمير المؤمنين :
شاقه والشوق من غيره |
|
طلل عاف سوى أثره |
__________________
(١) في (ج) ، (ب) : «تكلمت».
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
(٣) في الأصول : «أبان».