وكذا ، فيقول : هذا غلط هذا يساوي كذا وكذا ، ارجع فاستزد ، فأقول : إني أستحيي ، فيقول : عرفهم أني لا أقضي لك ذلك إلا بهذا القدر وأني رسمت لك هذا المال ، قال : فأرجع فأستزيد ما يقوله لي فأزاد.
قال : وأنبأنا التنوخي عن أبيه قال : حدثني أبي قال : سمعت القاضي أبا عمر يقول: عرض إسماعيل القاضي وأنا معه على عبيد الله بن سليمان رقاعا في حوائج الناس ، فوقع فيها فعرض أخرى فخشي أن يكون قد ثقل عليه فقال له : إن جاز (١) أن يتطول الوزير أعزه الله بهذا التوقيع (٢) فوقع ، وعرض أخرى وقال : إن أمكن الوزير أن يجيب إلى هذا فوقع ، ثم عرض أخرى وقال : إن سهل على الوزير أن يوقع فوقع ، وعرض أخرى وقال شيئا من هذا الجنس ، فقال له عبيد الله : يا أبا إسحاق! كم تقول إن أمكن وإن جاز وإن سهل ، من قال لك إنه يجلس هذا المجلس ثم يتعذر عليه فعل شيء على وجه الأمور فقد كذبك (٣) هات رقاعك كلها في موضع واحد ، قال فأخرجها إسماعيل من كمه وطرحها لحضرته (٤) فوقع فيها فكانت مع ما وقع فيه قبل الكلام وبعده نحو ستين رقعة.
قرأت في كتاب «أخبار الوزراء» لمحمد بن عبدوس الجهشياري قال : كان عبيد الله ابن سليمان يرعى يسير الحرمة ويحافظ على قليل الخدمة ، وكان ممن خدمه في نكبته رجل يعرف بيعقوب الصائغ وكان عاميا ساقطا وكان يحتمل سقوطه ونقصه وتحركه ويرفع منه حتى قلده الحسبة بالخضرة وكان لها إذ ذاك مقدار ، فلما عزم عبيد الله على الشخوص إلى الجبل جلس يوما للنظر فيما يحمل معه من خزانته (٥) ومن يشخص معه لخدمته ، ويعقوب الصائغ حاضر للخاصية (٦) التي كانت له به ، فأمر ما يحمل معه ، فلما انتهى إلى فصل منه قال له يعقوب بغباوته : ويحمل كفن وحنوط ، فتطيّر عبيد الله وقطب وأعرض عنه ثم أخذ يأمر وينهى ، فلما انتهى إلى فصل من كلامه أعاد يعقوب الصائغ القول فقال : يحمل كفن وحنوط ، فأعرض عبيد الله
__________________
(١) في النسخ : «إن جاد».
(٢) في الأصل ، (ج) : «بهذا الوقيع».
(٣) في الأصل ، (ب) : «كذلك».
(٤) في (ج) ، (ب) : «فخضرته».
(٥) في (ج) : «من خزائنه».
(٦) في (ج) : «للخاضبه».