اسما علما على الذات العلية. وهذا ما يقتضيه تعليم الله اسمه لموسى حين كلمه فقال : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ) في سورة طه [١٤]. وفي سفر الخروج وقال الله لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل (يهوه) إله آبائكم إلخ الإصحاح الثالث.
وفصلت جملة : (قالَ فِرْعَوْنُ) لوقوعها في طريق المحاورة.
وقوله : (آمَنْتُمْ) قرأه الجمهور بصيغة الاستفهام ـ بهمزتين ـ فمنهم من حققها ، وهم : حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ، وروح عن يعقوب ، وخلف ، ومنهم من سهل الثانية مدّة ، فصار بعد الهمزة الأولى مدتان ، وهؤلاء هم : نافع ، وأبو عمرو ، وابن عامر ، وقرأه حفص عن عاصم ـ بهمزة واحدة ـ فيجوز أن يكون إخبارا ، ويجوز أن تكون همزة الاستفهام محذوفة وما ذلك ببدع.
والاستفهام للإنكار والتهديد مجازا مرسلا مركبا ، والإخبار مستعمل كذلك أيضا لظهور أنه لا يقصد حقيقة الاستفهام ولا حقيقة الإخبار لأن المخاطبين صرحوا بذلك وعلموه ، والضمير المجرور بالباء عائد إلى موسى ، أي : آمنتم بما قاله ، أو إلى رب موسى.
وجملة : (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ) إلخ ... خبر مراد به لازم الفائدة أي : قد علمت مرادكم لأن المخاطب لا يخبر بشيء صدر منه ، كقول عنترة :
إن كنت أزمعت الفراق فإنما |
|
زمّت ركابكم بليل مظلم |
أي : إن كنت أخفيت عني عزمك على الفراق فقد علمت أنكم شددتم رحالكم بليل لترحلوا خفية.
وقوله : (قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ) ترق في موجب التوبيخ ، أي لم يكفكم أنكم آمنتم بغيري حتى فعلتم ذلك عن غير استئذان ، وفصلها عما قبلها لأنها تعداد للتوبيخ.
والمكر تقدم عند قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) في سورة آل عمران [٥٤] ، وتقدم آنفا عند قوله تعالى : (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ) [الأعراف : ٩٩].
والضمير المنصوب في (مَكَرْتُمُوهُ) ضمير المصدر المؤكّد لفعله.
و (فِي) ظرفية مجازية : جعل مكرهم كأنه موضوع في المدينة كما يوضع العنصر المفسد ، أي : أردتم إضرار أهلها ، وليست ظرفية حقيقية لأنها لا جدوى لها إذ معلوم لكل