الموروث عنه.
والقوم الذين كانوا يستضعفون هم بنو إسرائيل كما وقع في الآية الأخرى : (كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها بَنِي إِسْرائِيلَ) [الشعراء : ٥٩] ، وعدل عن تعريفهم بطريق الإضافة إلى تعريفهم بطريق الموصولية لنكتتين : أولاهما : الإيماء إلى علة الخبر ، أي أن الله ملّكهم الأرض وجعلهم أمة حاكمة جزاء لهم على ما صبروا على الاستعباد ، غيرة من الله على عبيده.
الثانية : التعريض ببشارة المؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوسلم بأنهم ستكون لهم عاقبة السلطان كما كانت لبني إسرائيل ، جزاء على صبرهم على الأذى في الله ، ونذارة المشركين بزوال سلطان دينهم.
ومعنى يستضعفون : يستعبدون ويهانون ، فالسين والتاء للحسبان مثل استنجب ، أو للمبالغة كما في استجاب.
والمشارق والمغارب جمع باعتبار تعدد الجهات ، لأن الجهة أمر نسبي تتعد بتعدد الأمكنة المفروضة ، والمراد بهما إحاطة الأمكنة.
و (الْأَرْضِ) أرض الشام وهي الأرض المقدسة وهي تبتدئ من السواحل الشرقية الشمالية للبحر الأحمر وتنتهي إلى سواحل بحر الروم وهو البحر المتوسط وإلى حدود العراق وحدود بلاد العرب وحدود بلاد الترك.
و (الَّتِي بارَكْنا فِيها) صفة للأرض أو لمشارقها ومغاربها ؛ لأن ماصدقيهما متحدان ، أي قدرنا لها البركة ، وقد مضى الكلام على البركة عند قوله تعالى : (لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ) في هذه السورة [٩٦]. أي أعضناهم عن أرض مصر التي أخرجوا منها أرضا هي خير من أرض مصر.
(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ).
عطف على جملة : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ) إلخ ... والمقصود من هذا الخبر هو قوله : (بِما صَبَرُوا) تنويها بفضيلة الصبر وحسن عاقبته ، وبذلك الاعتبار عطفت هذه الجملة على التي قبلها ، وإلّا فإن كلمة الله الحسنى على بني إسرائيل تشمل
إيراثهم الأرض التي بارك الله فيها ، فتتنزل من جملة : (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا