يُسْتَضْعَفُونَ) إلى آخرها منزلة التذييل الذي لا يعطف ، فكان مقتضى العطف هو قوله (بِما صَبَرُوا).
وكلمة : هي القول ، وهو هنا يحتمل أن يكون المراد به اللفظ الذي وعد الله بنيإسرائيل على لسان موسى في قوله : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ) [الأعراف : ١٢٩] أو على لسان إبراهيم وهي وعد تمليكهم الأرض المقدسة ، فتمام الكلمة تحقق وعدها ، شبّه تحققها بالشيء إذا استوفى أجزاءه ، ويحتمل أنها كلمة الله في علمه وقدره وهي إرادة الله إطلاقهم من استعباد القبط وإرادته تمليكهم الأرض المقدسة كقوله : (وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) [النساء : ١٧١].
وتمام الكلمة بهذا المعنى ظهور تعلقها التنجيزي في الخارج على نحو قول موسى (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) [المائدة : ٢١] وقد تقدم عند قوله تعالى : (وَتَمَّتْ) كلمات (رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً) في سورة الأنعام [١١٥].
و (الْحُسْنى) : صفة ل (كَلِمَتُ) وهي صفة تشريف كما يقال : الأسماء الحسنى ، أي كلمة ربك المنزهة عن الخلف ، ويحتمل أن يكون المراد حسنها لبني إسرائيل ، وإن كانت سيئة على فرعون وقومه ، لأن العدل حسن وإن كان فيه إضرار بالمحكوم عليه.
والخطاب في قوله : (رَبِّكَ) للنبي صلىاللهعليهوسلم ، أدمج في ذكر القصة إشارة إلى أن الذي حقق نصر موسى وأمته على عدوهم هو ربك فسينصرك وأمتك على عدوكم ؛ لأنه ذلك الرب الذي نصر المؤمنين السابقين ، وتلك سنته وصنعه ، وليس في الخطاب التفات من الغيبة إلى الخطاب لاختلاف المراد من الضمائر.
وعدي فعل التمام (بعلى) للإشارة إلى تضمين (تَمَّتْ) معنى الإنعام ، أو معنى حقت.
وباء (بِما صَبَرُوا) للسببية ، و (ما) مصدرية أي بصبرهم على الأذى في ذات الإله وفي ذلك تنبيه على فائدة الصبر وأن الصابر صائر إلى النصر وتحقيق الأمل.
والتدمير : التخريب الشديد وهو مصدر دمّر الشيء إذا جعله دامرا للتعدية متصرف من الدمار ـ بفتح الدال ـ وهو مصدر قاصر ، يقال دمر القوم ـ بفتح الميم ـ يدمرون ـ بضم الميم ـ دمارا ، إذا هلكوا جميعا ، فهم دامرون. والظاهر أن إطلاق التدمير على إهلاك المصنوع مجازي علاقته الإطلاق لأن الظاهر أن التدمير حقيقته إهلاك الإنسان.