و (ما هُمْ فِيهِ) هو حالهم ، وهو عبادة الأصنام وما تقتضيه من الضلالات والسيئات ولذلك اختير في تعريفها طريق الموصولية لأن الصلة تحيط بأحوالهم التي لا يحيط بها المتكلم ولا المخاطبون.
والظرفية مجازية مستعارة للملابسة ، تشبيها للتلبس باحتواء الظرف على المظروف.
والباطل اسم لضد الحق فالإخبار به كالإخبار بالمصدر يفيد مبالغة في بطلانه لأن المقام مقام التوبيخ والمبالغة في الإنكار ، وقد تقدم آنفا معنى الباطل عند قوله تعالى : (فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف : ١١٨].
وفي تقديم المسند ، وهو (باطِلٌ) على المسند إليه وهو (ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ما في نظيره من قوله : (مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ).
وإعادة لفظ (قالَ) مستأنفا في حكاية تكملة جواب موسى بقوله تعالى : (قالَ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ) تقدم توجيه نظيره عند قوله تعالى : (قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ)(١) ـ إلى قوله ـ (قالَ فِيها تَحْيَوْنَ) من هذه السورة [٢٤ ، ٢٥].
والذي يظهر أنه يعاد في حكاية الأقوال إذا طال المقول ، أو لأنه انتقال من غرض التوبيخ على سؤالهم إلى غرض التذكير بنعمة الله عليهم ، وأن شكر النعمة يقتضي زجرهم عن محاولة عبادة غير المنعم ، وهو من الارتقاء في الاستدلال على طريقة التسليم الجدلي ، أي : لو لم تكن تلك الآلهة باطلا لكان في اشتغالكم بعبادتها والإعراض عن الإله الذي أنعم عليكم كفران للنعمة ونداء على الحماقة وتنزه عن أن يشاركهم في حماقتهم.
والاستفهام بقوله : (أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً) للإنكار والتعجب من طلبهم أن يجعل لهم إلها غير الله ، وقد أولي المستفهم عنه الهمزة للدلالة على أن محل الإنكار هو اتخاذ غير الله إلها ، فتقديم المفعول الثاني للاختصاص ، للمبالغة في الإنكار أي : اختصاص الإنكار ببغي غير الله إلها.
وهمزة (أَبْغِيكُمْ) همزة المتكلم للفعل المضارع ، وهو مضارع بغى بمعنى طلب ، ومصدره البغاء ـ بضم الباء.
__________________
(١) في المطبوعة : قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً [البقرة : ٣٨] ، والمثبت هو المناسب للسياق.