وتفرق الأجزاء كقوله (وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) [مريم : ٩٠] ، وقد أخبر عن الجبل بأنه جعل دكا للمبالغة ، والمراد أنه مدكوك أي : مدقوق مهدوم. وقرأ الكسائي ، وحمزة ، وخلف (دَكَّاءَ) ـ بمد بعد الكاف وتشديد الكاف ـ والدكاء الناقة التي لا سنام لها ، فهو تشبيه بليغ أي كالدكاء أي ذهبت قنته ، والظاهر أن ذلك الذي اندك منه لم يرجع ولعل آثار ذلك الدك ظاهرة فيه إلى الآن.
والخرور السقوط على الأرض.
والصعق : وصف بمعنى المصعوق ، ومعناه المغشي عليه من صيحة ونحوها ، مشتق من اسم الصاعقة وهي القطعة النارية التي تبلغ إلى الأرض من كهرباء البرق ، فإذا أصابت جسما أحرقته ، وإذا أصابت الحيوان من قريب أماتته ، أو من بعيد غشي عليه من رائحتها ، وسمي خويلد بن نفيل الصعق علما عليه بالغلبة ، وإنما رجحنا أن الوصف والمصدر مشتقان من اسم الصاعقة دون أن نجعل الصاعقة مشتقا من الصعق ؛ لأن أئمة اللغة قالوا : إن الصعق الغشي من صيحة ونحوها ، ولكن توسعوا في إطلاق هذا الوصف على من غشي عليه بسبب هدة أو رجة ، وإن لم يكن ذلك من الصاعقة.
والإفاقة : رجوع الإدراك بعد زواله بغشي ، أو نوم ، أو سكر ، أو تخبط جنون.
و (سُبْحانَكَ) مصدر جاء عوضا عن فعله أي أسبحك ، وهو هنا إنشاء ثناء على الله وتنزيه عما لا يليق به ، لمناسبة سؤاله منه ما تبين له أنه لا يليق به سؤاله دون استيذانه وتحقق إمكانه كما قال تعالى لنوح : (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) في سورة هود [٤٦].
وقوله : (تُبْتُ إِلَيْكَ) إنشاء لتوبة من العود إلى مثل ذلك دون إذن من الله ، وهذا كقول نوح عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) [هود : ٤٧] وصيغة ـ الماضي من قوله : (تُبْتُ) مستعملة في الإنشاء فهي مستعملة في زمن الحال مثل صيغ العقود في قولهم بعت وزوّجت. مبالغة في تحقق العقد.
وقوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) أطلق الأول على المبادر إلى الإيمان ، وإطلاق الأول على المبادر مجاز شائع مساو للحقيقة ، والمراد به هنا وفي نظائره ـ الكناية عن قوة إيمانه ، حتى أنه يبادر إليه حين تردد غيره فيه ، فهو للمبالغة ، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) في سورة البقرة [٤١] ، وقوله : (وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)