الخروج ، ومن جملتها الوصايا العشر التي كلم الله بها موسى في جبل سينا ووقع في الإصحاح الرابع والثلاثين إن الألواح لم تكتب فيها إلّا الكلمات العشر ، التي بالفقرات السبع عشرة منه ، وقوله هنا (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً) يقتضي الاعتماد على ما في الأصاحيح الثلاثة عشر.
والموعظة اسم مصدر الوعظ وهو نصح بإرشاد مشوب بتحذير من لحاق ضر في العاقبة أو بتحريض على جلب نفع ، مغفول عنه ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ) في سورة البقرة [٢٧٥] ، وقوله : (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ) في سورة النساء [٦٣] ، وسيجيء قوله : (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) في آخر سورة النحل [١٢٥].
والتفصيل التبيين للمجملات ولعل الموعظة هي الكلمات العشر والتفصيل ما ذكر بعدها من الأحكام في الإصحاحات التي ذكرناها.
وانتصب (مَوْعِظَةً) على الحال من كل شيء ، أو على البدل من (من) إذا كانت اسما ـ إذا كان ابتداء التفصيل قد عقب كتابة الألواح بما كلمه الله به في المناجاة مما تضمنه سفر الخروج من الإصحاح الحادي والعشرين إلى الإصحاح الثاني والثلاثين ولما أوحي إليه إثر ذلك.
ولك أن تجعل (مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً) حالين من الضمير المرفوع في قوله : (وَكَتَبْنا لَهُ) أي واعظين ومفصلين ، فموعظة حال مقارنة وتفصيلا حال مقدّرة ، وأما جعلهما بدلين من قوله : (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) فلا يستقيم بالنسبة لقوله : (وَتَفْصِيلاً).
وقوله : (فَخُذْها) يتعين أن الفاء دالة على شيء من معنى ما خاطب الله به موسى ، ولما لم يقع فيما وليته ما يصلح لأن يتقرع عنه الأمر بأخذها بقوة. تعين أن يكون قوله : (فَخُذْها) بدلا من قوله : (فَخُذْ ما آتَيْتُكَ) [الأعراف : ١٤٤] بدل اشتمال لأن الأخذ بقوة يشتمل عليه الأخذ المطلق ، وقد اقتضاه العود ، إلى ما خاطب الله به موسى إثر صعقته إتماما لذلك الخطاب فأعيد مضمون ما سبق ليتصل ببقيته ، فيكون بمنزلة أن يقول فخذ ما آتيتك بقوة وكن من الشاكرين ، ويكون ما بينهما بمنزلة اعتراض ، ولو لا إعادة (فَخُذْها) لكان ما بين قوله : (مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الأعراف : ١٤٤] وقوله : (وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا) اعتراضا على بابه ولمّا اقتضى المقام هذا الفصل ، وإعادة الأمر بالأخذ ، اقتضى حسن ذلك أن يكون في الإعادة زيادة ، فأخر مقيّد الأخذ ، وهو كونه بقوة ، عن التعلق بالأمر الأول ،