محذوف.
وفعل (أَخَذَ) يتعلق به (مِنْ بَنِي آدَمَ) وهو معدّى إلى ذرياتهم ، فتعين أن يكون المعنى : أخذ ربك كلّ فرد من أفراد الذرية. من كل فرد من أفراد بني آدم ، فيحصل من ذلك أن كل فرد من أفراد بني آدم أقر على نفسه بالمربوبية لله تعالى.
و (من) في قوله : (مِنْ بَنِي آدَمَ) وقوله : (مِنْ ظُهُورِهِمْ) ابتدائية فيهما.
والذرّيات جمع ذريّة ، والذّريّة اسم جمع لما يتولد من الإنسان ، وجمعه هنا للتنصيص على العموم.
وأخذ العهد على الذرية المخرجين من ظهور بني آدم يقتضي أخذ العهد عى الذرية الذين في ظهر آدم بدلالة الفحوى ، وإلا لكان أبناء آدم الأدنون ليسوا مأخوذا عليهم العهد مع أنهم أولى بأخذ العهد عليهم في ظهر آدم.
ومما يثبت هذه الدلالة أخبار كثيرة رويت عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن جمع من أصحابه ، متفاوتة في القوة غير خال واحد منها عن متكلّم ، غير أن كثرتها يؤيد بعضها بعضا ، وأوضحها ما روى مالك في «الموطأ» في ترجمة «النهي عن القول بالقدر» بسنده إلى عمر بن الخطاب قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يسأل عن هذه الآية (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ) ذرياتهم فقال إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه حتى استخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ، ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال : خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون وساق الحديث بما لا حاجة إليه في غرضنا ، ومحمل هذا الحديث على أنه تصريح بمدلول الفحوى المذكور ، وليس تفسيرا لمنطوق الآية ، وبه صارت الآية دالة على أمرين ، أحدهما : صريح وهو ما أفاده لفظها ، وثانيهما : مفهوم وهو فحوى الخطاب. وجاء في الآية أن الله أخذ على الذريات العهد بالإقرار بربوبية الله ، ولم يتعرض لذلك في الحديث ، وذكر فيه أنه ميز بين أهل الجنة وأهل النار منهم ، ولعل الحديث اقتصار على بيان ما سأل عنه السائل فيكون تفسيرا للآية تفسير تكميل لما لم يذكر فيها ، أو كان في الحديث اقتصار من أحد رواته على بعض ما سمعه.
والأخذ مجاز في الإخراج والانتزاع قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ) [الأنعام : ٤٦] الآية.