لأمية بن أبي الصلت ، أو دلائل الإنجيل على صفة محمد صلىاللهعليهوسلم بالنسبة للراهب أبي عامر بن صيفي.
والانسلاخ حقيقته خروج جسد الحيوان من جلده حينما يسلخ عنه جلده ، والسلخ إزالة جلد الحيوان الميت عن جسده ، واستعير في الآية للانفصال المعنوي ، وهو ترك التلبس بالشيء أو عدم العمل به ، ومعنى الانسلاخ عن الآيات الإقلاع عن العمل بما تقتضيه ، وذلك أن الآيات أعلمته بفساد دين الجاهلية.
وأتبعه بهمزة قطع وسكون المثناة الفوقية بمعنى لحقة غير مفلت كقوله : (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) [الصافات : ١٠] (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ) [طه : ٧٨] وهذا أخص من اتّبعه بتشديد المثناة ووصل الهمزة.
والمراد بالغاوين : المتصفين بالغي وهو الضلال (فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) أشد مبالغة في الاتصاف بالغواية من أن يقال : وغوى أو كان غاويا ، كما تقدم عند قوله تعالى : (قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً وَما أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) في سورة الأنعام [٥٦].
ورتبت أفعال الانسلاخ والاتباع والكون من الغاوين بفاء العطف على حسب ترتيبها في الحصول ، فإنه لما عاند ولم يعمل بما هداه الله إليه حصلت في نفسه ظلمة شيطانية مكنت الشيطان من استخدامه وإدامة إضلاله ، فالانسلاخ على الآيات أثر من وسوسة الشيطان ، وإذا أطاع المرء الوسوسة تمكن الشيطان من مقاده ، فسخره وأدام إضلاله ، وهو المعبر عنه ب (فَأَتْبَعَهُ) فصار بذلك في زمرة الغواة المتمكنين من الغواية.
وقوله تعالى : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) أفاد أن تلك الآيات شأنها أن تكون سببا للهداية والتزكية ، لو شاء الله له التوفيق وعصمه من كيد الشيطان وفتنته فلم ينسلخ عنها ، وهذه عبرة للموفقين ليعلموا فضل الله عليهم في توفيقهم ، فالمعنى : ولو شئنا لزاد في العمل بما آتيناه من الآيات فلرفعه الله بعلمه.
والرفعة مستعارة لكمال النفس وزكائها ، لأن الصفات الحميدة تخيل صاحبها مرتفعا على من دونه ، أي لو شئنا لاكتسب بعمله بالآيات فضلا وزكاء وتميزا بالفضل ، فمعنى لرفعناه ليسّرنا له العمل بها الذي يشرف به.
وقد وقع الاستدراك على مضمون قوله : (وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها) بذكر ما يناقض تلك المشيئة الممتنعة ، وهو الاستدراك بأنه انعكست حاله فأخلد إلى الأرض ، أي ركن