على الإضلال ويغرّونهم بالازدياد منه.
والاستدراك في قوله : (وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ) لرفع ما توهمه التّسوية بين القادة والأتباع في مضاعفة العذاب : أنّ التّغليظ على الأتباع بلا موجب ، لأنّهم لو لا القادة لما ضلّوا ، والمعنى : أنّكم لا تعلمون الحقائق ولا تشعرون بخفايا المعاني ، فلذلك ظننتم أنّ موجب مضاعفة العذاب لهم دونكم هو أنّهم علّموكم الضّلال ، ولو علمتم حقّ العلم لاطّلعتم على ما كان لطاعتكم إياهم من الأثر في إغرائهم بالازدياد من الإضلال. ومفعول (تَعْلَمُونَ) محذوف دلّ عليه قوله : (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) ، والتّقدير : لا تعلمون سبب تضعيف العذاب لكلّ من الطّائفتين ، يعني لا تعلمون سبب تضعيفه لكم لظهور أنّهم علموا سبب تضعيفه للذين أضلّوهم.
وقرأ الجمهور : (لا تَعْلَمُونَ) ـ بتاء الخطاب ـ على أنّه من تمام ما خاطب الله به الأمّة الأخرى ، وقرأه أبو بكر عن عاصم ـ بياء الغيبة ـ فيكون بمنزلة التّذييل خطابا لسامعي القرآن ، أي قال الله لهم ذلك وهم لا يعلمون أنّ لكلّ ضعفا فلذلك سألوا التّغليظ على القادة فأجيبوا بأنّ التّغليظ قد سلّط على الفريقين.
وعطفت جملة : (وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ) على جملة : (قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ) لأنّهم لم يدخلوا في المحاورة ابتداء فلذلك لم تفصل الجملة.
والفاء في قولهم : (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) فاء فصيحة ، مرتبة على قول الله تعالى (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) حيث سوّى بين الطّائفتين في مضاعفة العذاب. و (ما) نافية. و (من) زائدة لتأكيد نفي الفضل ، لأنّ إخبار الله تعالى بقوله : (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) لا وقوله: (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) يجوز أن يكون من كلام أولاهم : عطفوا قولهم : (فَذُوقُوا الْعَذابَ) على قولهم : (فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ) بفاء العطف الدّالة على التّرتب. فالتشفي منهم فيما نالهم من عذاب الضّعف ترتّب على تحقّق انتفاء الفضل بينهم في تضعيف العذاب الذي أفصح عنه إخبار الله بأنّ لهم عذابا ضعفا.
وصيغة الأمر في قولهم : (فَذُوقُوا) مستعملة في الإهانة والتشفّي.
والذّوق استعمل مجازا مرسلا في الإحساس بحاسّة اللّمس ، وقد تقدّم نظائره غير مرّة.
والباء سببيّة ، أي بسبب ما كنتم تكسبون ممّا أوجب لكم مضاعفة العذاب ، وعبّر