وجيء بالمسند إليه موصولا لقصد ما في الصلة من الإيماء إلى تعليل الحكم بأن الذي فطرهم أول مرة قادر على إعادة خلقهم ، كقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] فإنه لقدرته التي ابتدأ بها خلقكم في المرة الأولى قادر أن يخلقكم مرة ثانية.
والإنغاض : التحريك من أعلى إلى أسفل والعكس. فإنغاض الرأس تحريكه كذلك ، وهو تحريك الاستهزاء.
واستفهموا عن وقته بقولهم : (مَتى هُوَ) استفهام تهكم أيضا ؛ فأمر الرسول بأن يجيبهم جوابا حقا إبطالا للازم التهكم ، كما تقدم في نظيره آنفا.
وضمير (مَتى هُوَ) عائد إلى العود المأخوذ من قوله : (يُعِيدُنا) كقوله : (اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [المائدة : ٨].
و (عسى) للرجاء على لسان الرسول صلىاللهعليهوسلم : والمعنى لا يبعد أن يكون قريبا.
و (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) بدل من الضمير المستتر في (يَكُونَ) من قوله : (أَنْ يَكُونَ قَرِيباً). وفتحته فتحة بناء لأنه أضيف إلى الجملة الفعلية.
ويجوز أن يكون ظرفا ل (يَكُونَ) ، أي يكون يوم يدعوكم ، وفتحته فتحة نصب على الظرفية.
والدعاء يجوز أن يحمل على حقيقته ، أي دعاء الله الناس بواسطة الملائكة الذين يسوقون الناس إلى المحشر.
ويجوز أن يحمل على الأمر التكويني بإحيائهم ، فأطلق عليه الدعاء لأن الدعاء يستلزم إحياء المدعو وحصول حضوره ، فهو مجاز في الإحياء والتسخير لحضور الحساب.
والاستجابة مستعارة لمطاوعة معنى (يَدْعُوكُمْ) ، أي فتحيون وتمثلون للحساب. أي يدعوكم وأنتم عظام ورفات. وليس للعظام والرفات إدراك واستماع ولا ثم استجابة لأنها فرع السماع وإنما هو تصوير لسرعة الإحياء والإحضار وسرعة الانبعاث والحضور للحساب بحيث يحصل ذلك كحصول استماع الدعوة واستجابتها في أنه لا معالجة في تحصيله وحصوله ولا ريث ولا بطء في زمانه.