والجانب : هو الشق. وجعل البر جانبا لإرادة الشق الذي ينجيهم إليه ، وهو الشاطئ الذي يرسون عليه ، إشارة إلى إمكان حصول الخوف لهم بمجرد حلولهم بالبر بحيث يخسف بهم ذلك الشاطئ ، أي أن البر والبحر في قدرة الله تعالى سيان ، فعلى العاقل أن يستوي خوفه من الله في البر والبحر. وإضافة الجانب إلى البر إضافة بيانية.
والباء في (يَخْسِفَ بِكُمْ) لتعدية (يَخْسِفَ) بمعنى المصاحبة.
والحاصب : الرامي بالحصباء ، وهي الحجارة. يقال : حصبه ، وهو هنا صفة ، أي يرسل عليكم عارضا حاصبا ، تشبيها له بالذي يرمي الحصباء ، أي مطر حجارة ، أي برد يشبه الحجارة ، وقيل : الحاصب هنا بمعنى ذي الحصباء ، فصوغ اسم فاعل له من باب فاعل الذي هو بمعنى النسب مثل لابن وتامر.
والوكيل : الموكل إليه القيام بمهم موكله ، والمدافع عن حق موكله ، أي لا تجدوا لأنفسكم من يجادلنا عنكم أو يطالبنا بما ألحقناه بكم من الخسف أو الإهلاك بالحاصب ، أي لا تجدوا من قومكم وأوليائكم من يثأر لكم كشأن من يلحقه ضر في قومه أن يدافع عنه ويطالب بدمه أولياؤه وعصابته. وهذا المعنى مناسب لما يقع في البر من الحدثان.
و (أم) عاطفة الاستفهام ، وهي للإضراب الانتقالي ، أي بل أأمنتم ، فالاستفهام مقدر مع (أم) لأنها خاصة به ، أي أو هل كنتم آمنين من العود إلى ركوب البحر مرة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح.
والتارة : المرة المتكررة ، قيل عينه همزة ثم خففت لكثرة الاستعمال. وقيل : هي واو. والأول أظهر لوجوده مهموزا وهم لا يهمزون حرف العلة في اللغة الفصحى ، وأما تخفيف المهموز فكثير مثل : فأس وفاس ، وكأس وكاس.
ومعنى (أَنْ يُعِيدَكُمْ) أن يوجد فيكم الدواعي إلى العود تهيئة لإغراقكم وإرادة للانتقام منكم ، كما يدل عليه السياق وتفريع (فَيُرْسِلَ) عليه.
والقاصف : التي تقصف ، أي تكسر. وأصل القصف : الكسر. وغلب وصف الريح به. فعومل معاملة الصفات المختصة بالمؤنث فلم يلحقوه علامة التأنيث ، مثل (عاصِفٌ) في قوله : (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) في سورة يونس [٢٢]. والمعنى : فيرسل عليكم ريحا قاصفا ، أي تقصف الفلك ، أي تعطبه بحيث يغرق ، ولذلك قال : (فَيُغْرِقَكُمْ).
قرأ الجمهور (مِنَ الرِّيحِ) بالإفراد. وقرأ أبو جعفر من الرياح بصيغة الجمع.