عطف على جملة (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) [الإسراء : ٧٣] تعدادا لسيئات أعمالهم. والضمائر متحدة.
والاستفزاز : الحمل على الترحل ، وهو استفعال من فزّ بمعنى بارح المكان ، أي كادوا أن يسعوا أن تكون فازا ، أي خارجا من مكة. وتقدم معنى هذا الفعل عند قوله : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ) في هذه السورة الإسراء [٦٤]. والمعنى : كادوا أن يخرجوك من بلدك. وذلك بأن همّوا بأن يخرجوه كرها ثم صرفهم الله عن ذلك ليكون خروجه بغير إكراه حين خرج مهاجرا عن غير علم منهم لأنهم ارتأوا بعد زمان أن يبقوه بينهم حتى يقتلوه.
والتعريف في (الْأَرْضِ) تعريف العهد ، أي من أرضك وهي مكة.
وقوله : (لِيُخْرِجُوكَ) تعليل للاستفزاز ، أي استفزازا لقصد الإخراج.
والمراد بالإخراج : مفارقة المكان دون رجوع. وبهذا الاعتبار جعل علة للاستفزاز لأن الاستفزاز أعم من الإخراج.
وجملة (وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ) عطف على جملة (وَإِنْ كادُوا) ، أو هي اعتراض في آخر الكلام ، فتكون الواو للاعتراض و (إذا) ظرفا لقوله : (لا يَلْبَثُونَ) وهي (إذا) الملازمة الإضافة إلى الجملة.
ويجوز أن يكون (إذا) حرف جواب وجزاء لكلام سابق. وهي التي نونها حرف من الكلمة ولكن كثرت كتابتها بألف في صورة الاسم المنون. والأصل فيها أن يكون الفعل بعدها منصوبا ب (أن) مضمرة ، فإذا وقعت بعد عاطف جاز رفع المضارع بعدها ونصبه.
ويجوز أن تكون (إذا) ظرفا للزمان ، وتنوينها عوض عن جملة محذوفة على قول جماعة من نحاة الكوفة ، وهو غير بعيد. ألا ترى أنها إذا وقعت بعد عاطف لم ينتصب بعدها المضارع إلا نادرا لانتفاء معنى التسبب ، ولأنها حينئذ لا يظهر فيها معنى الجواب والجزاء.
والتقدير : وإذا أخرجوك أو وإذا خرجت لا يلبثون خلفك إلا قليلا.
وقرأ الجمهور (خَلْفَكَ).
و (خَلْفَكَ) أريد به بعدك. وأصل الخلف الوراء فاستعمل مجازا في البعدية ، أي لا