(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء : ٧٨] على الإغراء فيكون (فَتَهَجَّدْ) تفريعا على الإغراء تفريع مفصل على مجمل ، وتكون (من) اسما بمعنى (بعض) كالتي في قوله : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) [النساء : ٤٦] وهو أيضا حسن.
وضمير (بِهِ) للقرآن المذكور في قوله : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء : ٧٨] وإن كان المعاد مقيدا بكونه في الفجر والمذكور هنا مرادا مطلقه ، كقولك. عندي درهم ونصفه ، أي نصف درهم لا نصف الدرهم الذي عندك.
والباء للسببية.
والتهجد : الصلاة في أثناء الليل ، وهو اسم مشتق من الهجود ، وهو النوم. فمادة التفعل فيه للإزالة مثل التحرج والتأثم.
والنافلة : الزيادة من الأمر المحبوب.
واللام في (لَكَ) متعلقة ب (نافِلَةً) وهي لام العلة ، أي نافلة لأجلك. وفي هذا دليل على أن الأمر بالتهجد خاص بالنبيء صلىاللهعليهوسلم فالأمر للوجوب. وبذلك انتظم في عداد الصلوات الواجبة فبعضها واجب عليه وعلى الأمة ، وبعضها واجب عليه خاصة ويعلم منه أنه مرغب فيه كما صرحت به آية سورة المزمل [٢٠](إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ) إلى قوله : (ما تَيَسَّرَ مِنْهُ). وفي هذا الإيجاب عليه زيادة تشريف له ، ولهذا أعقب بوعد أن يبعثه الله مقاما محمودا. فجملة (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ) تعليل لتخصيصه بإيجاب التهجد عليه ، والرجاء من الله تعالى وعد. فالمعنى : ليبعثك ربك مقاما محمودا.
والمقام : محل القيام. والمراد به المكان المعدود لأمر عظيم ، لأنه من شأنه أن يقوم الناس فيه ولا يجلسوا ، وإلا فهو المجلس.
وانتصب (مَقاماً) على الظرفية ل (يَبْعَثَكَ).
ووصف المقام بالمحمود وصف مجازي. والمحمود من يقوم فيه ، أي يحمد أثره فيه ، وذلك لغنائه عن أصحاب ذلك المقام ، ولذلك فسر المقام المحمود بالشفاعة العظمى.
وفي «صحيح البخاري» عن ابن عمر «أن الناس يصيرون يوم القيامة جثا ـ بضم