و (ثم) تفيد التراخي الرتبي والتراخي الزمني معا.
والردّ : الإرجاع. وجيء بفعل (رَدَدْنا) ماضيا جريا على الغالب في جواب (إذا) كما جاء شرطها فعلا ماضيا في قوله : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا) [الإسراء : ٥] أي إذا يجيء يبعث.
والكرة : الرجعة إلى المكان الذي ذهب منه.
فقوله : (عَلَيْهِمْ) ظرف مستقر هو حال من (الْكَرَّةَ) ، لأن رجوع بني إسرائيل إلى أورشليم كان بتغلب ملك فارس على ملك بابل.
وذلك أن بني إسرائيل بعد أن قضوا نيفا وأربعين سنة في أسر البابليين وتابوا إلى الله وندموا على ما فرط منهم سلط الله ملوك فارس على ملوك بابل الأشوريين ؛ فإن الملك (كورش) ملك فارس حارب البابليين وهزمهم فضعف سلطانهم ، ثم نزل بهم (داريوس) ملك فارس وفتح بابل سنة ٥٣٨ قبل المسيح ، وأذن لليهود في سنة ٥٣٠ قبل المسيح أن يرجعوا إلى أورشليم ويجددوا دولتهم. وذلك نصر انتصروه على البابليين إذ كانوا أعوانا للفرس عليهم.
والوعد بهذا النصر ورد أيضا في كتاب أشعياء في الإصحاحات : العاشر ، والحادي عشر ، والثاني عشر ، وغيرها ، وفي كتاب أرميا في الإصحاح الثامن والعشرين والإصحاح التاسع والعشرين.
وقوله : (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) هو من جملة المقضي الموعود به. ووقع في الإصحاح التاسع والعشرين من كتاب أرميا «هكذا قال الرب إله إسرائيل لكل السبي الذي سبيته من أورشليم إلى بابل : ابنوا بيوتا واسكنوا ، واغرسوا جنات ، وكلوا ثمرها ، خذوا نساء ولدوا بنين وبنات ، وأكثروا هناك ولا تقلّوا».
و (نَفِيراً) تمييز «لأكثر» فهو تبيين لجهة الأكثرية ، والنفير. اسم جمع للجماعة التي تنفر مع المرء من قومه وعشيرته ، ومنه قول أبي جهل : «لا في العير ولا في النفير».
والتفضيل في (أكثر) تفضيل على أنفسهم ، أي جعلناكم أكثر مما كنتم قبل الجلاء ، وهو المناسب لمقام الامتنان. وقال جمع من المفسرين : أكثر نفيرا من أعدائكم الذين أخرجوكم من دياركم ، أي أفنى معظم البابليين في الحروب مع الفرس حتى صار عدد بني إسرائيل في بلاد الأسر أكثر من عدد البابليين.