مستقر هو المفعول الثاني ل (جَعَلْنا) ، قدم على المفعول الأول للاهتمام.
وجملة (يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً) بيان أو بدل اشتمال لجملة (جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ) و (مَذْمُوماً مَدْحُوراً) حالان من ضمير الرفع في (يَصْلاها) يقال : صلى النار إذا أصابه حرقها.
والذم الوصف بالمعايب التي في الموصوف.
والمدحور : المطرود. يقال : دحره ، والمصدر : الدحور ، وتقدم عند قوله تعالى : (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) في سورة الأعراف [١٨].
والاختلاف بين جملة (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ) وجملة (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ) بجعل الفعل مضارعا في الأولى وماضيا في الثانية للإيماء إلى أن إرادة الناس العاجلة متكررة متجددة. وفيه تنبيه على أن أمور العاجلة متقضية زائلة ، وجعل فعل إرادة الآخرة ، ماضيا لدلالة المضي على الرسوخ تنبيها على أن خير الآخرة أولى بالإرادة ، ولذلك جردت الجملة من (كان) ومن المضارع ، وما شرط في ذلك إلا أن يسعى للآخرة سعيها وأن يكون مؤمنا.
وحقيقة السعي المشي دون العدو ، فسعي الآخرة هو الأعمال الصالحة لأنها سبب الحصول على نعيم الآخرة ، فالعامل للصالحات كأنه يسير سيرا سريعا إلى الآخرة ليصل إلى مرغوبه منها. وإضافته إلى ضمير الآخرة من إضافة المصدر إلى مفعوله في المعنى ، أي السعي لها ، وهو مفعول مطلق لبيان النوع.
وفي الآية تنبيه على أن إرادة خير الآخرة من غير سعي غرور وأن إرادة كل شيء لا بد لنجاحها من السعي في أسباب حصوله. قال عبد الله بن المبارك :
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها |
|
إن السفينة لا تجري على اليبس |
وجملة (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) حال من ضمير (وَسَعى). وجيء بجملة (وَهُوَ مُؤْمِنٌ) اسمية لدلالتها على الثبات والدوام ، أي وقد كان راسخ الإيمان ، وهو في معنى قوله : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) [البلد : ١٧] لما في (كان) من الدلالة على كون الإيمان ملكة له.
والإتيان باسم الإشارة في (فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) للتنبيه على أن المشار إليهم جديرون بما سيخبر به عنهم لأجل ما وصفوا به قبل ذكر اسم الإشارة.