سنة ١٣٠٩ ه
في محرّم هذه السنة خفّت وطأة الهواء الأصفر في حلب وحارم وأنطاكية. بعد أن بلغت وفياتها اليومية في حلب مائة شخص وزيادة ، ولكنها في هذا الشهر أيضا فشت في عينتاب وكلّز. وفي محرّم هذه السنة أيضا بوشر بستر مجرى المياه القذرة في الخندق الكبير ، الذي صار جادة عامة بعد أن قطعت منه الأشجار وثقّف (١) بالتراب من باب حديد بانقوسا إلى حضرة مزار السهرودي. وفي هذا الشهر أيضا فشت علة الهيضة في أورفة فأخذت تحت المنطقة الصحية. ثم في شهر ربيع الأول فشت في إسكندرونة. وفي أواخر شهر رجب تقلص ظل الهيضة من سائر بلاد الولاية ورفع الحجر الصحي عنها. وفي آذار منها وصل إلى حلب جراد كثير طبّق السهل والجبل وملأ قناة حلب وأفسد ماءها ، فطبّقتها البلدية بالحجارة الكبيرة من قرية هيلانة إلى قرب ناحية بعادين ، منعا لسقوط الجراد فيها. وقد ترك من القناة بعض مواضع مكشوفة للشرب والوضوء. وطول ما طبق منها ثلاثة عشر ألف ذراع معماري ، وجمع من بزر الجراد ـ قبل أن ينقف ـ زهاء ستة ملايين أقّة.
وفي هذه السنة بلغت رسوم عدّ الغنم عن سنة ١٣٠٨ رومية في ثلاثة عشر قضاء ملحقة بحلب (٧١٩٣٢٤٢) قرشا موزعا هذا المبلغ على رأس كل شاة ومعزى : ثلاثة قروش ونصف القرش عملة أميرية ، سعر الذهب العثماني مئة قرش. وفي ذي القعدة من هذه السنة بوشر بتنظيم جادة الخندق من باب دار الحكومة إلى باب الفرج. وفيها فتح مستشفى الغرباء تحت القلعة قرب سوق الضرب ، وسمي مستشفى الغرباء الحميدي ، وفرش من أموال إعانة جمعت من أهل الخير. وفيها طبق كثير من مجاري المياه القذرة في حلب ، وكانت مكشوفة تنبعث منها الروائح الكريهة وتشوه مناظر الشوارع.
__________________
(١) أي سوّي وقوّم اعوجاجه.