منهم بزينته والمبرّز بها على أقرانه ربما يكافأ على إخلاصه برتبة أو وسام ، وكانت جماعة الشرطة لا شغل لهم في تلك الليلة سوى التجوال في أزقة البلدة وشوارعها والبحث والفحص عن المزينين وعمن تكون زينته أعظم وأفخم ، فيكتبون أسماء المزينين ويحررون عند اسم كل مزين منهم إشارة لرتبة زينته من العدد الأول إلى العدد السابع ، وإذا سهت جماعة الشرطة عن مزيّن ولم تذكر اسمه فإنه في الغد يعترض ويطلب أن ينص على احتفاله بالزينة في جريدة الولاية ، لأن هذه الجريدة تصدر في صبيحة ليلة الزينة محررة من أولها إلى آخرها بأسماء المزينين والإشارة إلى مراتب زينة كل واحد منهم ، وإذا طوت الجريدة اسم أحد المزينين أو قصّرت في بيان رتبة زينته فلصاحب الزينة حق الاعتراض ، وعليها أن تصحح الخبر في عددها التالي.
مواكب السلطان في صلاة الجمعة والعيدين :
كانت مواكب السلطان عبد الحميد في صلاة الجمعة والعيدين في استانبول من أجلّ وأفخم جميع مواكب ملوك الدنيا. وكان السيّاح يطوون للتفرج عليها المسافات الطويلة ، وينتظرون حولها الساعات الوفيرة وكانت ذات جلال وبهاء يعجز القلم عن تصويرهما.
احتفال السلطان بالأضاحي في عيد الأضحى :
وصف الأستاذ الصابونجي (١) في كتابه (ديوان شعر النحلة) الاحتفال بأضاحي عيد النحر عند السلطان عبد الحميد فقال ما ملخصه : يأمر السلطان بالاستعداد إلى عيد الأضحى قبل حلوله بشهر ، وبانتخاب عدد مفروض من الأكباش العظيمة وبعلفها
__________________
(١) هو لويس البري الشهير بالصابنجي ، ناظم وناثر واسع الاطلاع متضلع باللغات الشرقية والغربية ، رشيق العبارة حلو الحديث بعيد عن التعصب المذموم. والمستفاد من كتابه ديوان نحلة الشعر أنه ولد في جزيرة العشّاق الكائنة بين دجلة والفرات وأنه وجد عضوا في الجمعيتين العلميتين ، المعروفة إحداها باسم (أكاديمية الأركادي) في رومة والأخرى باسم (الجمعية الآسيوية الملكية) في لندرا ، وأنه كان انتخب أستاذا لتعليم اللغات الشرقية في دار الفنون المعروفة باسم (إيمبريال أنستيتيون) في لندرا ، واتخذه السلطان عبد الحميد خان الثاني العثماني أستاذا لأولاده في علم التاريخ ومترجما خاصا له من اللغة الإنكليزية والعربية والتليانية والفرنسية إلى التركية. وله في السلطان مدائح كثيرة لما كان يوالي عليه من برّه وإحسانه. أخبرني بعض معارفه أنه الآن حي في الديار الأميركانية وأنه ربما كان سنه فوق الثمانين (المؤلف).