طريق بطرسبرج إلى السفير الألماني في واشنطون ليرسلها إلى سفير ألمانيا في المكسيك ليطلب من رئيس جمهورية المكسيك أن تتحد مع ألمانيا على محاربة أميركا ، وأن مكافأة جمهورية المكسيك على هذا الاتحاد ضم عدة ولايات إليها من أميركا. وفي هذه البرقية أيضا تكليف السفير الألماني إلى السعي بفصل اليابان عن دول الاتفاق وضمها إلى التحالف الألماني. وكانت تلك البرقية محرّرة بالشفرة ، وإنكلترا هي التي استحوذت عليها وفكّت طلاسمها لأنها تمكنت في أول الحرب من الاستيلاء على مفتاحها. ولما اطلعت أميركا على البرقية المذكورة عبأت جيوشها وانضمت إلى دول الاتفاق وخاضت معهن في عباب هذا البحر الطامي وكان من أمرها ما كان.
السبب الثانوي لهذه الحرب :
السبب الثانوي لهذه الحرب الضروس اغتيال عصابة صربيّة ولي عهد إيمبراطور النمسا وزوجته. وذلك أنهما في اليوم الثامن والعشرين من حزيران سنة ١٩١٤ م ـ الموافق أوائل شهر رمضان سنة ١٣٣٢ ه ـ بينما كانا في مدينة «بوسنه سراي» راكبين في سيارتهما متوجهين بين صفوف الموكب العسكري إلى إحدى كنائس المدينة ، إذ فاجأتهما قنبلة متفرقعة وعيار ناري أوديا بحياتهما. وفي الحال ألقي القبض على من جنى عليهما هذه الجناية الفظيعة وهو البيكباشي (وجاتا نكوسك) و (ميلان سيغانوريك) كلاهما من عصابة سربية اسمها (نارودنا أو ديرانا) أخذت على عاتقها بذل الجهود بإقلاق راحة حكومة النمسا وفك بوسنه وهرسك عنها وربطهما بحكومة الصرب. وقد تبين من تقرير الجانيين المذكورين أنهما مدفوعان إلى هذا العمل من قبل كبار الموظفين في حكومتهم قصد إثارة فتنة يكون عقباها استيلاء حكومة سربيا على بوسنه سراي وهرسك المحايدتين لمملكتهما واللتين معظم أهلهما من العنصر السربي.
وبعد حدوث هذه النكبة بعثت حكومة النمسا في اليوم الثالث والعشرين من تموز إلى حكومة السرب إنذارا شديد اللهجة أمهلتها لإعطاء جوابه خمسة عشر يوما. فأرادت حكومة السرب قبول شيء من مضمون الإنذار ترضية لحكومة النمسا لتحققها من نفسها العجز من مقاومتها. فنهتها عن ذلك حكومة روسيا وشجعتها على الثبات أمام النمسا ووعدتها المساعدة عليها ، فامتثلت حكومة السرب أمر روسيا وامتنعت عن جواب الإنذار ، وحينئذ