وفي سنة ٤٩٣ كان الغلاء شديدا في حلب وفيها توجه الملك رضوان إلى الفرنج لقتالهم وإخراجهم من بلاد حلب ، فكسر وعاد إلى حلب. وفي سنة ٤٩٤ ملك الفرنج «سروج» من ديار الجزيرة وأكثروا قتلا وأسرا. وفي سنة ٤٩٥ قتل الإسماعيلية فضل الله الزوزني قاضي حلب لأنه كان يندّد بمعتقدهم فأعاد رضوان القضاء إلى أبي غانم. وفيها أغار الفرنج على بلاد حلب الشمالية وعاثوا فيها فسادا وبلغوا «كفر لاثا» فكبسهم بنو عليم وظفروا بهم ، وانجلى الفرنج عن بلاد حلب الغربية.
وفي سنة ٤٩٦ أغار الفرنج على الرقّة وقلعة جعبر وبعض جهات الرها ، فخرج إليهم معين الدولة سقمان وشمس الدولة جكرمش وأوقعا بهم وأجلياهم عن مواقعهم بعد أن فتكا بهم فتكا ذريعا. وفي سنة ٤٩٧ أغار الفرنج على قلعة جعبر فساقوا المواشي وأسروا من وجدوا. وكانت قلعة جعبر والرقة لسالم بن بدران سلمها إليه ملك شاه لما تسلم منه قلعة حلب كما مر. وفي سنة ٤٩٨ تقاتل الملك رضوان صاحب حلب مع الفرنج عند يبرين ، فانهزم المسلمون وقتل منهم وأسر ، وملك الفرنج «أرتاح».
وفي سنة ٤٩٩ ملك الفرنج حصن أفامية. وفي سنة ٥٠٤ ملك الفرنج حصن الأثارب ، على ثلاثة فراسخ من حلب ، وقتلوا فيه ألفي رجل وأسروا الباقي. ثم ملكوا «زردنا» ففعلوا كذلك وقصدوا منبج ومسكنة فوجدوهما خاليتين فعادوا. وصالح رضوان ـ صاحب حلب ـ الفرنج على اثنين وثلاثين ألف دينار يحملها لهم مع خيل وثياب. وبذلت أصحاب البلاد للفرنج الأموال وخافوهم لأنهم لم يبق لهم ممانع عن البلاد ، إذ الملوك السلجوقية مشغولون ببعضهم فصالحهم أهل صور على سبعة آلاف دينار ، وابن منقذ صاحب شيزر على أربعة آلاف ، والكردي ـ صاحب حماة ـ على ألفي دينار.
وفد من حلب إلى بغداد للاستغاثة
بالخليفة وطلب النجدة منه على الصليبيين
ولما اشتد خطب الفرنج بالبلاد الشامية وعظمت شوكتهم سار جماعة من أهل حلب وساداتها إلى بغداد مستنفرين على الفرنج. فلما وردوا بغداد اجتمع معهم خلق كثير من الفقهاء وغيرهم وقصدوا جامع السلطان واستغاثوا ومنعوا الناس من صلاة الجمعة وكسروا المنبر. فوعدهم السلطان محمد بن بركياروق السلجوقي بإنفاذ العساكر للجهاد. فلما