الحموي. وللوالي ناظم باشا في هذا الترميم واستحصال الأرض سعي يستحق أن يذكر فيشكر.
وفي هذا الشهر أيضا ورد على حلب وفد من جمعية الاتحاد والترقي العثماني ، فاحتفلت الحكومة باستقبالهم وأنزلتهم في فندق دوبارك في بستان الشاهبندر ، على نفقة البلدية التي عملت لهم ضيافة حافلة حضرها الوالي والقائد العسكري وغيرهما من كبار الموظفين ، وتليت الخطب وعزفت الموسيقى العسكرية ، وكانت ليلة حافلة.
إبراهيم باشا ابن معمو التمّو :
وفي هذا الشهر أيضا مات إبراهيم باشا ابن معمو التمّو الكردي ، في الموضع المعروف بتل شرّابة ، بين قضاء نصيبين ولواء الزور ، وهو من عشيرة كردية يقال لها عشيرة الملية تبلغ زهاء أربعمائة بيت ، تقيم تحت خيام الشعر في جهات «ويران شهر» من أعمال قضاء رأس العين التابعة لواء الزور. والرجل المذكور شيخها ورئيسها ، وكان والده توفي في حلب في حدود سنة ١٢٩٥ ودفن في زاوية الشيخ جاكير خارج باب النيرب فخلفه ابنه هذا في المشيخة على عشيرته ، وكان يعرف إذ ذاك بإبراهيم آغا. وبعد أن صار شيخ العشيرة المذكورة اقتفى أثر آبائه وأجداده في شن الغارة على العشائر الكردية والعربية وأسرف بالنهب والسلب ، خصوصا في عشيرة قره كج فإنه لم يبق لها سبدا ولا لبدا (١).
ولما كثر تشكي هذه العشائر منه أمسكته حكومة ولاية ديار بكر ونفته إلى سوارك ، فبقي فيها إلى حدود سنة ١٢٩٧ وفيها استغاث بوالي حلب جميل باشا وقدم له تقدمة جزيلة ، فسعى باستقدامه إلى حلب فحضر إليها ومعه الخيول المطهّمة (٢) العربية هدية خص بها الوالي المشار إليه ، فشفع به عند السلطان عبد الحميد وصدر العفو عنه وعاد إلى وطنه «ويران شهر». ولما تألفت الكتائب الحميدية من سكان البوادي مضاهاة لكتائب القوزاق في دولة روسية ، جعل إبراهيم آغا مقدّم مائة ثم مقدّم ألف ثم أمير لواء ، ومن ذلك الوقت صار يدعى إبراهيم باشا. وقد كثرت أتباعه وشيعته واستقدم إلى الآستانة لعرض كتيبته فشخص إليها مع عدد وافر من عشيرته الجند «الحميدي» البالغ حد النهاية بحسن البزّة
__________________
(١) أي لم يبق لها شيئا قليلا ولا كثيرا. وهما في اللغة كناية عن الإبل والغنم.
(٢) أي الحسنة التامة ، أو المتناهية الحسن.