سنة ٣٤٣ سير سيف الدولة إلى الحدث وإيقاعه بجيوش الدّمستق :
وفي الحاشية المذكورة ما صورته :
«في هذه السنة سار سيف الدولة نحو حصن الحدث لبنائها ، وكان أهلها أسلموها بالأمان إلى الدمستق سنة ٣٣٧ فنزلها سيف الدولة يوم الأربعاء لإحدى عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة من سنة ٣٤٣ وبدأ في يومه فخطّ الأساس وحفر أوله بيده ابتغاء ما عند الله تعالى.
فلما كان يوم الجمعة نازله ابن النقاس ، دمستق النصرانية ، في نحو خمسين ألف فارس وراجل من جموع الروم والأرمن والروس والبلغر والصقلب والخزرية. ووقعت المصادمة يوم الاثنين انسلاخ جمادى الآخرة من أول النهار إلى وقت العصر ، وإن سيف الدولة حمل عليه بنفسه في نحو خمسمائة من غلمانه وأصناف رجاله فقصد موكبه وهزمه وظفر به وقتل نحو ثلاثة آلاف رجل من مقاتلته وأسر خلقا من استخلاديّته وأراخيته ، فقتل أكثرهم واستبقى البعض ، وأسر نوذس الأعور بطريق سمنذوا والقنذوا ، وهو صهر الدمستق على ابنته ، وأسر ابن بنت الدمستق ، وأقام على الحدث إلى أن بناها ووضع آخر شرافة منها بيده في يوم الثلاثاء لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب. فقال أبو الطيب في ذلك وأنشده إياها بعد الوقعة بالحدث : «على قدر أهل العزم تأتي العزائم».
أقول : هذه النبذة ساقها العكبري في شرح هذه القصيدة مع تصرف قليل ببعض ألفاظها. وقد غلط ابن الأثير فذكر أسر ابن الدمستق في هذه الواقعة. ولعل الذي أوقعه بهذا الوهم قول المتنبي في هذه القصيدة :
وقد فجعته بابنه وابن صهره |
|
وبالصهر حملات الأمير الغواشم |
على أن الفجع بابنه في هذا البيت لا يستلزم حصوله في هذه الوقعة ، إنما هو إخبار عنه في الوقعة الأولى.
وقد غلط بعض المؤرخين في هاتين الوقعتين غلطتين ، إحداهما : توهّمه أنهما وقعة واحدة ، وثانيهما : فهمه من عبارة العكبري أنها أفادت أن ابن الدمستق أسر في هذه الوقعة. مع أن عبارة العكبري لا يستفاد منها أنه أسر ولا قتل في هذه الوقعة كما يظهر ذلك بداهة