في جميع جهات البلاد العثمانية ، الذين كان نفيهم لجرائم سياسة (المراد هنا بالجرائم السياسية غضب السلطان عبد الحميد عليهم بسبب مسّهم إياه بكلمة ، أو إشارة إلى بعض مظالمه). وكان منهم في حلب زهاء خمسين منفيا ، عدا من كان يوجد منهم في بقية بلاد حلب ، وهم ما بين أمير ملكي وقائد عسكري ، وأديب وكاتب ، ومهندس وطبيب. فسرّوا من هذا الخبر سرورا عظيما ، وأخذوا يسافرون إلى أوطانهم زمرة بعد زمرة حتى لم يبق منهم واحد. وكان أكثرهم مقيما في محلة الجميلية ، ففرغت منهم المنازل التي كانوا يسكنونها وهبطت أجورها ، وبقي الكثير منها فارغا مدة طويلة.
صدور الأمر بإطلاق السجناء :
وفيها ورد الأمر بصدور العفو عن السجناء المحكومين بجرائم سياسية. وفي ثاني يوم من ورد هذا الأمر اجتمع تجاه دار السجن جماعة من كبار الموظفين الملكيين والعسكريين ، وأخرج من السجن نحو عشرين شخصا محكومين بجرائم سياسية وأكثرهم من الأرمن ، فألقيت عليهم الخطب الحبيّة ، وخوطبوا بالإخاء وبنوة الوطن ، والتوجع والأسف على ما كان من حبسهم واضطهادهم ظلما وعدوانا في أيام الاستبداد الحميدي. ثم عانقهم أكثر الحاضرين وودعوهم وانصرفوا إلى أوطانهم وكان ذلك الموقف مؤثرا لم تملك العيون فيه دموعها. وفي هذا اليوم جرى مثل ذلك في جميع سجون الولاية من الألوية والأقضية.
إبطال التجسس :
وفي هذه الأيام أبطلت الجاسوسية المعروفة باسم : خفية. وفيها ـ في ٢٤ تموز ـ ورد بلسان البرق أن كامل باشا الصدر الأسبق قد تبوأ مسند الصدارة بدل سعيد باشا.
صدور الترخيص بالسفر :
وفي هذا التاريخ ورد من نظارة الداخلية بلسان البرق صدور الإذن العام لكل عثماني أراد السفر من بلده إلى بلدة أخرى من البلاد العثمانية أو غيرها من البلاد الأجنبية. فسرّ الناس من هذا الإذن سرورا زائدا ، خصوصا طائفة الأرمن وبقية الطوائف المسيحية ، وذلك أن من كان يريد السفر من بلده في أيام الاستبداد الحميدي فرارا من الظلم والجور يتكبد عرق القربة بالحصول على تذكرة المرور. هذا إذا كان سفره لغير أميركا ، أما إذا