سنة ١٣١٧ ه
وفي صفر منها الموافق حزيران سنة ١٣١٥ بوشر بتجفيف مستنقع إسكندرونة ، فبي عليه سد عظيم طوله خمسمائة متر ، وتقرر أن يكون طوله ٩٥٠ مترا ثم فترت الهمة وبقي المستنقع على ما كان عليه. وفيها هدم مسجد كان عند باب حديد بانقوسا توسعة للطريق ، وبني بدله في موضعه مسجد بديع الطّرز مع مكتب ابتدائي في قربه. وفيها وصل إلى حلب دولاب طولمبة (١) يدور بقوة الهواء فنصب عند العوينة وعمر له في قربه حوض عظيم ينفذ ماؤه إلى كيزان مطمورة في الأرض ممتدة إلى قرب باب الفرج ، قد جعل لها منافذ لولبية يوضع فيها خرطوم للرش ، وقد استعمل مدة قليلة ثم تعطل الدولاب ، وكانت البلديّة صرفت على ذلك زهاء ثلاثة آلاف ذهب عثماني. وقد نصب نظير هذا الدولاب في محلة الجميلية وبعض البساتين فلم ينجح.
وفيها تم بناء العمارة على عين الموقف في إسكندرونة وجرت لها حفلة فائقة. وفي جمادى الأولى منها قدم على حلب سيف الدولة ابن شاه إيران قاصدا زيارة مقامات أهل البيت النبوي في حلب وغيرها من البلاد الشامية ، فاستقبلته الحكومة استقبالا باهرا ونزل ضيفا عند شهبندر (٢) دولة إيران فبقي بضعة أيام ثم سافر إلى جهة مقصده. وفيها تم عمل خريطة لمدينة حلب اعتنى بوضعها منهدس الولاية شارتيه أفندي وراغب بك ابن رائف باشا والي الولاية ، وقد أخذت في الفوطغراف على مقياس جزء من أربعين جزءا ، وهي أول خريطة وضعت لمدينة حلب وجاءت غاية بالضبط والإتقان. وفيها نجز فتح جادة العطوي ووصلت بطريق المركبات الآخذ إلى إسكندرونة المارّ قرب محلة السليمية ـ المعروفة بالجميلية ـ وهي تبتدىء من مزار السهروردي آخذة إلى طريق المركبات ،
__________________
(١) أي مضخة. وسيرسمها المؤلف في أول حوادث سنة ١٣١٩ هكذا «طلنبة» والكلمة فرنسية الأصل أو إيطالية ، وأصل معناها خرطوم الفيل ، أو البوق. وترسم أيضا كما تلفظ في الفرنسية : «طرمبة» و «طرنبة».
(٢) الشهبندر : القنصل.