حارم إلى صلاح الدين ، فتسلمها وقرر أمرها وأمر حلب وبلادها ، وأقطع «عزاز» سليمان بن جندر أحد الأمراء ، وجعل في حلب ولده الملك الظاهر. وسار عنها في غرة ربيع الأول من السنة المذكورة. وبعد مضي ستة أشهر طلب الملك العادل ـ وهو أخو السلطان صلاح الدين ـ أن يوليه على حلب فولاه عليها واستدعى ولده الملك الظاهر إلى دمشق فخرج من حلب في غاية الأسف عليها ، فقد كان أحبها حبا شديدا ووافقه ماؤها وهواؤها. وكان خروجه منها واستلام عمّه لها في رمضان منها. وفي سنة ٥٨٢ أخذ السلطان حلب من أخيه الملك العادل وأقطعه عنها حرّان والرّها وأعاد ابنه الملك الظاهر إليها.
استيلاء صلاح الدين على بيت المقدس وأخذه من حلب منبرا
للمسجد الأقصى:
وفي سنة ٥٨٣ في رجب فتح بيت المقدس على يد السلطان صلاح الدين ، فدخلها ورتب أمورها وأعاد جامعها إلى ما كان عليه ، ثم أمر أن يكتب إلى حلب بإحضار منبر كان هيّأه لبيت المقدس الملك العادل نور الدين محمود زنكي ، اشتغله له نجار بحلب يعرف بالأختريني ، من قرية أخترين ، لا نظير له في البراعة والصنعة. فأحضر المنبر المذكور وجعل في الجامع الأقصى.
استيلاء الملك الظاهر على سرمينية من الفرنج واستيلاء أبيه على دربساك :
وفي سنة ٥٨٤ أرسل السلطان ولده الملك الظاهر صاحب حلب إلى سرمينية فحصرها وضايقها وملكها من الفرنج ، واستنزل أهلها على قطيعة قررها عليهم ، وهدم الحصن وعفّى أثره ، وأطلق جما غفيرا من أسرى المسلمين الذين كانوا بهذا الحصن وما جاوره من الحصون.
وفيها سار السلطان صلاح الدين فنزل على جسر الحديد بالقرب من أنطاكية فأقام عليه أياما حتى تلاحق به من تأخر من العسكر ثم سار إلى دربساك وحاصرها ثم تسلمها بالأمان على شرط أن يخرج منها أهلها بثيابهم فقط. ثم سار إلى بغراس وتسلمها على شرط دربساك. ثم أرسل بيمند صاحب أنطاكية الفرنجي يطلب منه الصلح بشرط أن يطلق كل