سنة ٣٥١ استيلاء الروم على عين زربة :
فيها زحف الدمستق بجيوشه الجرارة على مدينة عين زربة ، وتسلّمها من أهلها بعد أن أمّنهم ، ثم غدر بهم فقتل الرجال والنساء والصبيان ومات كثير من أهلها في الطرقات ، ونهب الروم جميع أموالهم واستولوا على أربعة وخمسين حصنا. ثم انصرف الدمستق على أن يعود بعد عيده ، وخلّف جيشه بقيسارية. وكان ابن الزيات صاحب طرسوس خرج في أربعة آلاف طرسوسي ، فقتل الدمستق أكثرهم وقتل أخا ابن الزيات.
فعاد ابن الزيات لطرسوس وكان قطع بها الخطبة لسيف الدولة فأعادها أهل البلد له وراسلوه وعلم ابن الزيات بذلك واشتد عليه هذا الأمر ، فصعد إلى روشن (١) في داره وألقى منه نفسه إلى النهر تحته وغرق. وراسل أهل بغراص الدمستق وبذلوا له مائة ألف درهم فأقرهم وترك معارضتهم.
وفي هذه السنة أعاد سيف الدولة بناء عين زربة. وفيها بعد أن انصرف الدمستق إلى بلاده وقضى صومه وعيده بها ، خرج إلى قيسارية جريدة ولم يعلم به سيف الدولة.
استيلاء الدمستق على حلب :
فتوجه الدمستق إلى حلب وكبسها ، وقد أعجل الأمر سيف الدولة عن الجمع والاحتشاد فخرج إليه بمن معه فقاتله ولم يكن له به قبل لقلة عسكره ، فقتل أكثرهم وقتل جميع أولاد داود بن حمدان ، وانهزم سيف الدولة في نفر يسير ، وظفر الدمستق بدار سيف الدولة المعروفة بالدارين (٢) خارج حلب ، فوجد فيها لسيف الدولة ثلاثمائة بدرة (٣) دراهم ، وأخذ له ألفا وأربعمائة بغل ، وسلاحا لا يحصى ، وخرب الدار وملك الحاضر وحاصر المدينة فقاتله أهلها من ثلمة من السور ثلمها الروم ، فقتل من الروم خلق كثير وفي الليل عمر الحلبيون هذه الثلمة فتأخر الروم إلى جبل الجوشن (٤).
ثم إن رجال الشرطة قصدوا منازل التجار لينهبوها فلحق الناس أموالهم ليمنعوها وخلا
__________________
(١) الرّوشن : الشرفة «البلكون».
(٢) يعرف هذا المكان باسم «ربض الدارين» ، وكان أمام باب أنطاكية ، على نهر قويق.
(٣) البدرة : كيس فيه ألف ، أو عشرة آلاف ، درهم.
(٤) هو الجبل الذي يقوم عليه حيّ الأنصاري (أو سيف الدولة) اليوم.