وفي أوائل سنة ١٠١١ قدم حلب واليا عليها نصوح باشا المشهور بناصيف باشا فأخذ يمهد أسباب إزالة ضرر الدمشقيين سرا ويستعدّ لكبتهم خفية ، لأنهم صاروا أولي قوة ومنعة ، وطغوا وبغوا وخافهم الكبير والصغير من أهل حلب ، واستولوا على أكثر قراها بحيث قلّت الأموال السلطانية وصار أهل القرى كالأرقّاء لهم. ولما استحكم نصوح باشا من أمره واستعد لكبحهم أخذ في رفع أيديهم عن القرى وإجلائهم إلى بلادهم ، وحصل بينه وبينهم وقعة عظيمة وكان مساعده عليهم حسين باشا كافل كلّز ، ففروا بين يديه هاربين إلى حماة ثم جمعوا وحشدوا وجاؤوا إلى كلّز وحاصروها وخربوا ما حواليها من القرى كالباب وعزاز وقرى حلب ونهبوا الأموال وهتكوا النساء وافتضت عدة أبكار ، ودخل بعض أشقيائهم بكلّز الحمّام وفعلوا أفاعيل جاهلية. ثم تلاقوا مع نصوح باشا وابن الجانبولاط خارج كلّز يوما واحدا ثم انهزموا وعادوا إلى دمشق.
ثم رجعوا إلى قرب حماة وتظاهروا بقطع الطريق وضربوا على حمص وحماة ضرائب من المال ، واعترضوا القوافل وجرّموهم. فتقدم إليهم نصوح باشا وأطلق عليهم المدافع ، فلم يكن غير ساعة حتى انهزموا وعادوا إلى دمشق ونهبوا قراها وعاثوا خلالها في الفساد. وكان ذلك في سنة ١٠١٢ ولما استهلت سنة ١٠١٣ تفرقوا عن بعضهم لعجزهم وانقطع أمرهم عن حلب ، وكفى الله المؤمنين القتال.
تبييض القلعة : وفي هذه السنة بيض نصوح باشا قلعة حلب وأجرى عليها بعض الترميم ، فقال بعضهم مؤرخا :
يمينا قلعة الشهباء أضحت |
|
عروسا عرفها مسك يفوح |
وقالت : أرّخوا ، أعني بياضي |
|
فأرّخها مبيّضها نصوح |
قيام نصوح باشا على حسين باشا الجانبولاط وما جرى بينهما :
ولما صفا الوقت لنصوح باشا والي حلب صار يشيع بين الناس أنه يريد قتل حسين باشا الجانبولاط والي كلّز زاعما أنه عاص على الدولة ، مع أن حسين باشا المذكور لا يستحق من نصوح باشا هذا الجزاء بعد أن ساعده على انكشارية دمشق ، وليس هو