سنة ١٣١٦ ه
فيها نقلت دار حكومة قضاء حارم من قصبة حارم إلى قرية كفر تخاريم ، وبنيت فيها دار حكومة بإعانة جمعت من أهل ذلك القضاء. وفي شهر صفر منها خسف القمر مبتدئا بالخسوف في نحو الساعة الثالثة ليلا ، وتكامل خسوفه نحو الساعة الرابعة والنصف ، ثم في نحو الساعة السادسة انتهى انجلاؤه. وفي أثناء خسوفه أخذ الناس يطلقون البنادق ويضربون على النحاس ويدقون بالهاونات جريا لعاداتهم حين خسوف القمر من قديم الزمان ، زاعمين أن خسوف القمر سببه حوت يبتلعه وأنه إذا سمع أصوات البنادق وتلك الأصوات المزعجة يخاف فيمجّ القمر (١). وفي هذا الشهر بوشر بتعمير المخفرة الكائنة في سفح جبل البختي ، تجان منتزه السبيل من شرقيه ، وقد عمرت من إعانة جمعت من أهل الخير.
وفيها حدث في أنطاكية أن امرأة أحبت شابا فاحتالت على زوجها وأطعمته كبّة نيئة وضعت فيها شيئا من الشك المعروف بطعم الفار ، وأكل معه على غير قصد منها بنت وولد لها ، فلحقت الولد وأخرجت اللقمة من فمه فلم يلحقه ضرر ، وأرادت أن تخرج اللقمة من فم البنت فلم تتوفق ، وابتلعت البنت الطعام وبعد ساعة ماتت البنت وأبوها من السم. وشاعت هذه الحادثة في أنطاكية وحكم على المرأة بالقتل قصاصا. وسيأتي بقيّة خبرها. وفيها وضع أساس منارة الساعة في حضرة باب الفرج ، في موضع قسطل كان يعرف بقسطل السلطان. وقد جرى لوضع هذا الأساس احتفال باهر حضره الوالي والأمراء والأعيان والوجهاء ، فكلفني الوالي إلقاء خطبة في هذا الموضوع فقلت على الفور والبديهة بعد البسملة ::
الحمد لله مبدع الكائنات ، خالق الأوقات والساعات ، منشئ الأملاك ومسيّر
__________________
(١) أي يلفظه ويخرجه من جوفه.