بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) إلى قوله تعالى : (رَبُّنَا اللهُ) (١).
مخالفة أهل أنطاكية سيف الدولة :
وفيها أطاع أهل أنطاكية أحد مقدّمي الطرسوسيّين وخالفوا سيف الدولة. واسم المقدّم رشيق. فساروا إلى حلب وقاتلهم قرعويه غلام سيف الدولة وحاجبه وعامله بحلب ، وكان سيف الدولة بميّافارقين فأرسل سيف الدولة عسكرا مع خادمه بشارة وقاتلا رشيقا ، فقتل رشيق وهرب أصحابه إلى أنطاكية. ولما عاد سيف الدولة إلى حلب اجتمع على حربه ابن الأهوازي ، رجل كان يضمن الأرحاء (٢) بأنطاكية ، وهو الذي كان أمدّ رشيقا بماله وزين له العصيان على سيف الدولة. وكان مع ابن الأهوازي في هذه الوقعة دزبر الديلمى خليفة رشيق ، فقتل ابن الأهوازي ودزبر ، وقتل من ولاتهما خلق كثير.
وفيها خرج مروان عامل سيف الدولة على السواحل وهو رجل من القرامطة كان استأمن إلى سيف الدولة فأمّنه واستعمله على السواحل ، فلما تمكن قصد حمص وملكها وملك غيرها فسار إليه بدر ، غلام قرعويه ، وواقعه عدة وقعات. واتفق أن بدرا رمى مروان بنشّابة مسمومة وأن بدرا أسره أصحاب مروان ، فخلص مروان من النشابة وقتل بدر. وبعد أيام مات مروان.
سنة ٣٥٥ الفداء بين سيف الدولة وبين الروم :
فيها تم الفداء بين الروم وبين سيف الدولة ، فسار سيف الدولة بالبطارقة الذين هم في أسره إلى الفداء ففدى بهم أبا فراس وغلامه روطاس وجماعة من أكابر الحلبيين. ولما لم يبق معه من الأسرى أحد اشترى الباقين ، كل نفس باثنين وسبعين دينارا ، حتى نفذ (٣) ما معه من المال فاشترى الباقين ورهن عليهم بدنته الجوهر ، المعدومة النظير. ثم لما لم يبق أحد من أسرى المسلمين كاتب نقفور الملك الرومي على الصلح. وهذه من محاسن سيف الدولة.
__________________
(١) سورة الحج : ٣٩ ـ ٤٠.
(٢) جمع الرّحى ، وهي الطاحون.
(٣) كذا في طبعة المؤلف ، والصواب : «نفد» بالدال المهملة. وسيتكرر مثلها.