سقوط بغداد في يد الإنكليز واستيلاء روسيا على بلاد الأناضول :
وفيها تواردت الأخبار باستيلاء الجيوش البريطانية على بغداد وتقدمها إلى جهة الموصل ، وبأن جيوش الروس استولت تباعا على طرابزون وأزروم ووان وبتليس ، وتقدمت نحو الموش. وقلق أهل ديار بكر من قربها إليهم.
هبوط أسعار الحبوب وعودها للارتفاع :
وفيها ـ في أيام إدراك المحاصيل الزرعية وورود الغلات إلى حلب ـ هبطت أسعار الحبوب هبوطا بيّنا ، فبيع الشنبل من الحنطة بستمائة قرش ، ومن الشعير بأربعمائة. غير أن ذلك لم يدم سوى أيام قلائل حتى عاد السعر للارتفاع كما كان ، وسبب ذلك إقبال الألمان على احتكار الحبوب وشراؤهم إياها بالثمن الذي يطلبه صاحبها منهم غير مبالين بغلائها ، لا يهمهم شيء سوى الحصول عليها بأي ثمن كان.
ولما رأى الوالي «بدري بك» أن الحب قد ارتفعت أسعاره ، حتى بيع شنبل الحنطة بألف ومائتي قرش ، خشي إن تمادى هذا الأمر أن يعود سعر الشنبل إلى ألفي قرش. فتخابر مع قواد الألمان وكلّفهم ألّا يباشروا بأنفسهم شراء الحبوب كيلا يطمع بهم أصحابها فيرفعوا سعرها ، وأنه يلزم نفسه بأن يقدم لهم جميع ما يلزمهم منها على سعر ١٢٠٠ قرش. فأجابوه إلى ما طلب. وفي الحال عيّن من قبله رجال درك فرسانا ، وأرسلهم إلى القرى ـ في قضاء الباب وقضاء جبل سمعان ـ وأمرهم أن يشتروا من المزارعين شنبل الحنطة بسبعمائة قرش معدنية ، رضي صاحب الحب أم لم يرض. وسمّى هذا البيع والشراء (سربست مبايعه) أي بيع بالحرية. فكان رجال الدرك ـ الذي أرسلهم لهذه المهمة ـ متى ظفروا بحنطة يأخذوها من صاحبها على هذا السعر ، رضي أم لم يرض ، ثم يحملوا ما يشترونه ويرسلوه إلى المحل الذي عيّنه الوالي وهو يقدّمه إلى الألمان على سعر ١٢٠٠ قرش حسبما تعهّد لهم. فحصل من هذا العمل فائدتان : فائدة خصوصية وهي ربح الوالي من كل شنبل خمسمائة قرش ، وفائدة عمومية وهي وقوف سعر الحبّ عند هذا الحد ، إذ لو لا هذا العمل لكان سعر الحب يرتفع إلى ألفي قرش أو أكثر.
على أن الوالي «بدري بك» قد ربح من هذه المسألة أرباحا طائلة تعدّ بعشرات الألوف