مدرسته وما وقفه عليها وعلى المدفن. وفي هذه السنة أعني سنة ١٠٠٨ عين واليا على حلب أمير الأمراء الحاج إبراهيم باشا.
فتك إبراهيم باشا بالانكشارية وذكر شيء من فظائعهم :
وفي ربيعها الآخر فتك إبراهيم باشا بالانكشارية الدمشقيين ، وكانوا قد استطالوا على فقراء حلب وأفحشوا في ظلم الرعايا جاعلين وسيلة ذلك تحصيل الأموال السلطانية فيتوصلون إلى أغراضهم الفاسدة ، حتى تزوجوا النساء في حلب وصارت لهم قرى وأملاك. فعرض الوالي ذلك إلى السلطان فورد أمره بإجلائهم عن حلب إلى بلادهم دمشق ، فأمرهم بالرحيل فلم يرحلوا وجمعوا جموعهم بالقصير واستعدوا للمحاربة ونهبوا الأموال ، فتمكن إبراهيم باشا منهم وقتل سبعة عشر من أعيانهم ورفع رؤوسهم على الرماح. ثم عرض على الدولة أن تجعل قولا ـ أي جيشا ـ لمدينة حلب ، فلم تجبه ، وعزل عن ولاية حلب في اليوم الحادي عشر شوال سنة ١٠٠٩ صرح بعزله مصطفى نعيما في تاريخه «الروضتين».
وبعد أن عزل إبراهيم باشا من ولاية حلب ولي مكانه علي باشا ، وكانت الدولة استصوبت رأي إبراهيم باشا ـ الذي سبق ذكره ـ بتخصيص حلب بقسم من الجنود.
ولما دخل حلب علي باشا الجديد كتب «القول» الجديد ورتبه على هيئة «قول» الشام وغيرها فلم يجد ذلك نفعا ، وزاد الدمشقيون في عتوّهم وغلوائهم وبقيت في أيديهم خدمة الدفتردار ودار الوكالة وأبواب قناصل الإفرنج. وكان من جملة أعمالهم الفظيعة أنهم يعطون مال السلطنة عن القرية ويأخذون من أهلها أضعافا مضاعفة ، وتبقى أهل القرية جميعا خدمة لهم يأخذون منهم جميع محاصيلهم. ولما وصل ضررهم إلى هذه الرادة جمع علي باشا زعماءهم بمحضر من العلماء والأمراء وأمرهم بالخروج من حلب ، ونادى الناس عليهم ألّا يستوطنوا بحلب. فخرجوا وقوي عليه الحلبيون وطردوهم وأساؤوا إليهم ، حتى إنهم قتلوا منهم عسكريا.
فتوجه الدمشقيون إلى الشام وحشدوا وجمعوا واستعانوا ورجعوا إلى محاربة الحلبيين. وفي أثناء غيابهم عيّن واليا على حلب بشير باشا ، ثم سعى بولاية حلب شريف باشا كافل دمشق ، فعيّنه إليها السردار حسن باشا ورفقه بعساكر دمشق وسيّره معهم إلى حلب.