سنة ١٣٢٠ ه
فيها كان افتتاح مربى الخيل المعروف باسم حارة في جهة الحمرة. فقام الوجهاء وأكابر المأمورين يتزلفون إلى السلطان بإهداء الخيول الأصائل التي تربّى في ذلك المحل. وفي مدة وجيزة نجح المربى نجاحا باهرا ثم أخذ يتقهقر إلى أن اضمحل في بضع سنوات ولم يبق له ذكر. وفيها نصب على قنّة جبل البختي ـ تجاه منتزه السبيل في ظاهر حلب ـ طاحون يدور بالهواء على الطرز الجديد ، فاشتغل مدة ثم تعطلت آلاته وبطلت حركته. وفي هذه السنة ـ في كانون الأول ـ توالت الأمطار على حلب وعينتاب وأنطاكية ، فحملت السيول وطغت الأنهار طغيانا عظيما وانبسطت على الحقول والعمران ، فهدمت البيوت وأتلفت الزروع ، وأغرقت عدة أوادم ودوابّ. وفيها عزل والي حلب أنيس باشا من ولايته وكان عفيفا متدينا محبا للخير ، وقد بذل ما في وسعه لنجاح مكتب الصنائع وغيره من المباني الخيرية. وقد ولي حلب بعده مجيد بك.
وفيها ـ في كانون الأول ـ أنبأت حكومة دمشق أن الهواء الأصفر قد تفشّى فيها ، فأرسل من حلب ضابط ومعه عدد كاف من الجندرمة (١) الفرسان إلى كل موضع من المواقع الكائنة وعلى حدود ولاية دمشق ، وهي خان شيخون والهبيط وقلعة المضيق والحمراء ، لتكون هذه القرى تحت نظارة الضابط ومن هو في صحبته من الجنود. ثم فتح في خان شيخون محجر صحي ، فيه الأطباء وأدوات التبخير لفحص من يمرّ من هناك قاصدا جهات حلب ، وضرب على قرية الهبيط والمضيق والحمراء نطاق صحي. وفيها انتهى تعمير مخفرة في السويدية من أعمال أنطاكية عمرت من إعانة جمعت من أهل الخير. وفيها ـ في شباط ـ زالت علة الهواء الأصفر من دمشق ورفعت المحاجر الصحية
__________________
(١) الجندرمة : الدرك. وكان هذا الاسم يطلق على رجال الشرطة في الأرياف. وقد سبق ذكر الكلمة أيضا في الجزء الأول.