وفيها سار الملك العادل من دمشق ووصل إلى حماة ونزل على تل صفرون. وبلغ الظاهر وصوله إلى حماة بقصد حلب ومحاصرتها فاستعد للحصار وراسله وتم الصلح بينهما على أن يأخذ من الظاهر أماكن معلومة وتدفع لمن اختار الملك العادل.
وفي سنة ٥٩٩ أخرج الملك العادل من مصر الملك المنصور محمد بن الملك العزيز إلى الشام فسار بوالدته وإخوته وأقام بحلب عند الملك الظاهر.
قصد ابن لاوون الأرمني أنطاكية وغير ذلك
وفي سنة ٦٠٠ نازل ابن لاوون ملك الأرمن أنطاكية فتحرك الظاهر ووصل إلى حارم ، فارتد ابن لاوون على عقبه. وفيها كانت زلزلة عظيمة عمّت مصر والشام والجزيرة وبلاد الروم وصقلية وقبرس والعراق وغيرها ، وخرّبت سور مدينة صور.
وفي سنة ٦٠٢ كثر فساد ابن ليون الأرمني صاحب الدروب في ولاية حلب ، فنهب وخرب وأسر وسبى ، فسار إليه الظاهر بجموع كثيرة وحصل بينهم عدة وقعات كانت عاقبتها وخيمة على عسكر المسلمين. ثم جدّ الظاهر في قتاله فهرب منه وتحصن بمساكنه من الجبال.
مجيء الملك الأشرف إلى حلب
وفي سنة ٦٠٥ وصل إلى حلب الملك الأشرف موسى أخو الظاهر ـ وكان راجعا من دمشق إلى بلاده ـ فتلقاه الملك الظاهر بالترحاب وأنزله بالقلعة وبالغ في إكرامه وقام بجميع لوازمه ولوازم عسكره أتم قيام. وكان يحمل إليه في كل يوم خلعة كاملة وهي غلالة وقباء وسراويل وكمّة وفروة وسيف وحصان ومنطقة ومنديل وسكّين ودلكش ، وخمس خلع لأصحابه. وأقام على ذلك خمسة وعشرين يوما ، وقدم له تقدمة وهي مائة ألف درهم ومائة بقجة مع مائة مملوك ، منها عشر بقج ، في كل واحدة منها ثلاثة أثواب أطلس وثوبان خطاي ، وعلى كل بقجة جلد قندس كبير. ومنها عشر في كل واحدة خمسة أثواب عنّابي بغدادي وموصلي ، وعليها عشرة جلود قندس صغار. ومنها عشرون في كل واحدة خمس قطع مرسوسي وديبقي ، ومنها أربعون في كل واحدة خمسة أقبية وخمس كمام. وحمل إليه خمسة حصن عربية بعدّتها وعشرين إكديشا ، وأربعة قطر بغال وخمس بغلات فائقات