وأنشدت أم قرين :
تعدّ معاذرا لا عذر فيها |
|
ومن يقتل أخاه فقد ألاما |
هذا حال الجار عند العرب الجاهلية وهذه هي حرمة الجوار ورعايته فيما بينهم. ولما جاء الإسلام بقي الجوار محترما عند المسلمين ، وأرشد النبي إلى احترامه بقوله : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه». وقد قدمنا في الجزء الأول من هذا الكتاب «نبذة من حقوق الجوار» فراجعها تجد فيها ما يقنعك بأن الجوار عند المسلمين لا يقل احترامه عما كان عند العرب قبل إسلاميتهم.
رجعنا إلى سرد الحوادث :
وفي سنة ١٢٦٨ ولي حلب عثمان نوري باشا.
النفير العام :
وفي سنة ١٢٦٩ كان النفير العام في البلاد العثمانية لمحاربة المسكوب (الروس). فخرج من حلب خمسمائة متطوع ، وكان قائدهم علي بك بن سعيد أفندي شريف. ومن جملة المتطوعين المرحوم الشيخ علي بن محمد النيرباني ، الشهير بابن ناصر آغا. وهذه الحرب هي المعروفة بحرب القريم ، كانت الغلبة فيها للدولة العثمانية بمساعدة حليفتيها فرانسة وإنكلترا. وقد عاد المتطوعون بعد ستة أشهر ولم ينقص منهم غير القليل وكان من أعظم المشوقين إلى المتطوعين الحلبيين والدي كما أخبرني بذلك تلميذه الشيخ علي المومأ إليه. وفي هذه السنة (١٢٦٩) ولي حلب سليمان رأفت باشا بن مصطفى آغا ، وكان لطيفا ظريفا محبا للعلماء والأدباء ، ومدحه والدي بقصيدة أجازه عليها توجيه وظيفة التحديث عليه في أموي حلب.
وصول السكاير إلى حلب :
وفي سنة ١٢٧٠ وصل إلى حلب استعمال التبغ باللفافات المعروفة بالسكاير ، فأنكر الناس التدخين بها أولا ثم ألفها أكثرهم وهجروا التدخين بالقصبات المعروفة بالغليون. وكانوا قبل ذلك يتغالون بالغلايين ، والأكابر منهم يتخذونها من عود الياسمين ، وربما بلغ