انتهاء دولة بني أرتق بحلب
ودخولها في حوزة أقسنقر البرسقي صاحب الموصل ،
وحوادث أيامه فيها ، وهو من رجال الدولة السلجوقية
وفي سنة ٥١٨ قبض بهرام الأرتقي على حسان البعلبكي صاحب منبج وملك منه منبج وحصر قلعتها ، فأتاه سهم فقتله ولم يعرف الرامي وتفرق عسكره ، وخلص حسان وعاد إلى منبج. وكان مع بلك بهرام ابن عمه حسام الدين تمرتاش صاحب ماردين ، وهو ابن إيلغازي بن الأرتق ، فحمل تمرتاش بلك بهرام إلى ظاهر حلب وتسلمها واستناب بها وعاد إلى ماردين وفيها اجتمعت الفرنج وانضم إليهم دبيس بن صدقة صاحب الحلّة ، وهو شيعي ، صحبهم أملا أن يستميل لنفسه أهل حلب لتوافقهم بالمذهب. فحاصروا حلب وأخذوا ببناء بيوت لهم بظاهرها فعظم ذلك على أهلها ولم ينجدهم صاحبها تمرتاش لإيثاره الرفاهية وأقاموا يزاحفون حلب ويقطعون الأشجار ويخربون المشاهد وينبشون القبور ويحرقون من فيها بعد أن نبشوا ضريح مشهد الدكّة (١) ولم يجدوا فيه شيئا فأحرقوه وعبثوا بالمصاحف واستخفّوا بها وسخروا من الإسلام وفعلوا غير ذلك من الفظائع التي نجلّ كتابنا عن ذكرها. ولما اشتد الخطب على الحلبيين كاتبوا أقسنقر البرسقي صاحب الموصل فسار إليهم وخام الفرنج (٢) ومن معهم عن حلب لقدوم البرسقي ، وتسلّم حلب وقلعتها. وعلى أثر حادثة هذا الحصار عمد القاضي أبو الحسن بن يحيى بن الخشاب إلى أربع كنائس وصيرها مساجد وهي كنيسة هيلانة والحدادين وموغان والمقدمية. وبه كان انتهاء دولة بني أرتق من حلب.
وفي سنة ٥١٩ أخذ البرسقي كفر طاب من الفرنج ثم سار إلى عزاز فهزمته الفرنج
__________________
(١) هو المعروف بمشهد محسّن ، أو مشهد الطرح ، غربّي حلب ، قرب منطقة الأنصاري وفيه قبر المحسن بن الحسين. انظر كتاب «الآثار الإسلامية والتاريخية في حلب» ٥٦ ـ ٥٨ ، ٦٩.
(٢) أي نكصوا وتراجعوا.