المبحث التاسع عشر : في الغِنى
الغنى : ضد الفقر ، والغنيّ : هو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء ، وكلّ أحد محتاج إليه ، وهذا هو الغنى المطلق. ولا يشارك اللهَ تعالى فيه غيرُه (١).
يقول الغزاليّ في «شرح أسماء الله الحسنى» : الغنيّ الذي لا تَمَسّه حاجة ولا يعرضه فقر.
وهو الذي لا تعلّقَ له بغيره ، لا في ذاته ، ولا في صفاته ، بل يكون منزَّهاً عن العلاقة مع الأغيار ، فمن تتعلّق ذاته أو صفات ذاته بأمر خارج من ذاته يتوقّف عليه وجوده أو كماله ، فهو فقير محتاج إلى الكسب ولا يُتصوَّر ذلك في الله تعالى. والغنيّ الحقيقي هو الذي لا حاجه له إلى أحد أصلاً ، والذي يحتاج ومعه ما يحتاج إليه فهو غنيّ بالمجاز ، انتهى.
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) (٢).
إنّ الآيتين تشيران إلى مسألة حصر الفقر بالناس ، وحصر الغنى بالله سبحانه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ لسان العرب ١٥ : ١٣٥.
٢ ـ فاطر : ١٥ ـ ١٦.