المبحث السابع : في الخير
بعد الذي ذكرناه في المبحث اللغويّ نقول : إنّ الخير هو عملية الانتخاب والاسطفاء والانتقاء ، وفي هذا تكون هناك مقايسة بين الأشياء ، فنقول : هذا خير وأفضل من ذاك ، وهذه المقايسة نسبية ، أمّا الخير المطلق فهو الله سبحانه الذي هو مصدر كلّ عطاء وكلّ نعمة ، وهذه الخيريّة له وحده بالأصالة ، ولا مانع أن تكون لغيره بالامتداد والتبعيّة ، فيصحّ أن نقول : إن فلاناً رازق وحاكم وراحم ، لكننا نقول : الله خير الرازقين وخير الحاكمين وخير الراحمين ، وبلحاظ مفهوم الأصالة والتبعيّة يكون الخير المطلق لله وبالله.
والخير والشرّ من الناحية التكوينية يُنسَبان إلى الله سبحانه ، وهذا لا يُسيء إلى ساحته المقدّسة ، فالخير معنى وجوديّ مثل الملك والعزّة والرحمة والقدرة ، أمّا الشرّ فهو معنى عدميٌّ يراد منه عدم إيتاء الملك والعزّة والرحمة والقدرة ، ونحن نرى أنّ الإعطاء والمنع لا يكونان إلّا وفق الحِكَمِ والمصالح والأسباب التي لا يعلمها غيره سبحانه.
أمّا الخير والشرّ من الوجهة التشريعيّة ، فالمراد من ذلك الطاعات والمعاصي التي هي من خلق الإنسان لأفعاله باختياره ، فيستحقّ الثواب على فعل الحسنة ، والعقاب على فعل السيّئة.