المبحث الثالث والعشرون : في الإيثار
الإيثار : المآثر ما يُروي من مكارم الإنسان ، ويُستعار الأثر للفضل ، والإيثار للتفضّل ، ومنه : آثَرْتُه (١) ، وقوله تعالى : (٢).
وإيثار الشيء : اختياره وتقديمه على غيره ، والخَصاصة : الفقر والحاجة.
والإثرة والاستئثار : التفرّد بالشيء دون غيره ، وهو من الصفات المذمومة.
والمندوحة : السَّعة والفُسحة والمجال للخروج من الضيق والحرج.
إنّ للجود والسخاء مراتبَ أرقاها الإيثار ، وهو أن يقدّم الإنسان قضاء حاجة غيره على حاجته ، وهذه من أعلى مراتب الصفات التي ندب إليها الشارع المقدّس وسيرة الأنبياء عليهم السلام.
قال النبيّ صلى الله عليه وآله : أيُّما امرئٍ اشتهى شهوة ، فردّ شهوته ، وآثر على نفسه ، غُفر له (٣) ، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله يؤثر ذوي الحاجة من المسلمين على نفسه وعياله ، حتّى قالت إحدى زوجاته أنّه صلى الله عليه وآله ما شبع ثلاثة أيّام متوالية حتّى فارق الدنيا ، ولو شئنا لشبعنا ولكن كنّا نؤثر على أنفسنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مفردات غريب القرآن : ٩.
٢ ـ الحشر : ٩.
٣ ـ الكامل لعبد الله بن عديّ ٥ : ١٢٧.