فعند ذلك تقول : أستغفر الله (١).
وقد قال علماء الأخلاق بصحّة التبعيض في التوبة ، كما لو كان الإنسان يمارس الزنا ويشرب الخمر ، فيتوب من الزنا ، لكنّه يبقى على شرب الخمر من غير توبة ، إنّ توبة العبد إذا استكملت شرائطها فهي مقبولة ، وإن تكرّرت مراراً وتكراراً ، فإنّ العبد معرّض للوقوع في المعصية ، وكرم الله ورحمته أوسع من ذنبه.
قال أبو جعفر الباقر عليه السلام : يا محمّد بن مسلم ، ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له ، فَلْيعملِ المؤمن لما يَستأنف بعد التوبة والمغفرة. أما والله إنّها ليست إلّا لأهل الإيمان.
قلت : فإن عاد بعد التوبة والاستغفار من الذنوب وعاد في التوبة؟ قال عليه السلام : يا محمّد بن مسلم ، أترى العبدَ المؤمن يندم على ذنبه ويستغفر منه ويتوب ثمّ لا يقبل الله توبته؟
قلت : فإنّه فعل ذلك مراراً ، يذنب ثمّ يتوب ويستغفر.
فقال عليه السلام : كلّما عاد المؤمن بالاستغفار والتوبة عاد الله عليه بالمغفرة ، وإنّ الله غفور رحيم ، يقبل التوبة ويعفو عن السّيئات ، فإيّاك أن تُقنّط المؤمنين من رحمة الله (٢).
أقسام التائبين
أمّا أقسام نفوس التائبين فقد ذكر علماء الأخلاق أنّها أربعة :
ـ النفس المطمئنّة : وهؤلاء هم التائبون إلى الله توبة نصوحاً لا رجعة فيها إلى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ نهج البلاغة : الحكمة ٤١٧.
٢ ـ الكافي ٢ : ٤٣٤ / ح ٦.