المبحث الرابع : في التأديب بالعقوبة
نعود من جديد إلى مطاوي الدعاء الشريف ونقول : إنّ الداعي يسأل الله سبحانه وتعالى أن لا يؤدّبه بالعقوبة ، والتأديب هو التهذيب.
لقد منّ الله على عباده بإنزال الكتب السماوية هدىً ونوراً ، وتفضّل علينا بإرسال الرسل والنبيّين مبشّرين ومنذرين ، وعندما يتمرّد هذا الإنسان على ربّه ويرفض الانقياد للرسل الذين لهم شرف السفارة بين الله وعباده ، ويسير في الطريق الذي يبعده عن نداء الحقّ ، ويفارق موكب الإيمان والفضيلة ليقع في مستنقعات الجهل والظلم ، ويستنشق نتن المادية البحتة ، فالله سبحانه وتعالى ـ ومن باب رحمته ـ يبتلي هذا الإنسان بأنواع البلاء : كالجوع والفقر والمرض والكوارث الطبيعية والاجتماعية ، رجاءَ أنْ يحسّ بضعفه وحاجته إلى الله ، فيتوجّه إليه بالعبادة والانكسار والتذلل ليكشف عنه ما نزل بساحته ، ولو تحقّقت الإنابة والتوبة من العبد لحدثت عنده نقلة نوعية من عالم الإخلاد إلى الأرض وولاية الشيطان إلى عالم التوحيد الرحب وولاية الله سبحانه وتعالى.
والابتلاء ـ الذي هو نعمة إلهيّة ـ سمّاه العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر : والمراد من العذاب الأكبر هو عذاب الاستئصال في الدنيا ، ونزول العذاب