المبحث السابع والأربعون : في الظنّ
قال عليه السلام : يا رَبِّ هذا مَقامُ مَنْ لاذَ بِكَ ، وَاسْتَجارَ بِكَرَمِكَ ، وَاَلِفَ اِحْسانَكَ وَنِعَمَكَ وَاَنْتَ الْجَوادُ الَّذي لا يَضيقُ عَفُوُكَ ، وَلا يَنْقُصُ فَضْلُكَ ، وَلا تَقِلُّ رَحْمَتُكَ ، وَقَدْ تَوَثَّقْنا مِنْكَ بِالصَّفْحِ الْقَديمِ ، وَالْفَضْلِ الْعَظيمِ ، وَالرَّحْمَةِ الْواسِعَةِ ، اَفَتَراكَ يا رَبِّ تُخْلِفُ ظُنُونَنا ، اَوْ تُخَيِّبْ آمالَنا ، كَلّا يا كَريمُ ، فَلَيْسَ هذا ظَنُّنا بِكَ ، وَلا هذا فيكَ طَمَعُنا.
يتوجّه صاحب الدعاء عليه السلام في هذا المقطع إلى ربّه عزّ وجلّ مشيراً إلى حالة الالتجاء والتعلّق والاستجارة بكرمه المطلق ، الذي يشمل البارّ والفاجر ، والمؤمن والكافر ، لقد أصبح الإنسان غارقاً في بحر كرم الله حتّى عادت هذه النعم مألوفة ، وأصبحت موائده مبذولة ، حتّى أصاب الإنسانَ سُكْرُ الغفلة ، فنسي المنعم ، وغفل أو تغافل عن وجوب شكره.
إنّ حسن الظنّ بالله باب واسع للدخول في ولاية الله ، والوصول إلى كرمه ، والقلوب المملوءة بالأمل والثقة العالية قلوب خصبة مُمْرعة بالإيمان والحبّ ، وحاشا لله أن يخيّب حسن ظنّ عبده به.
وإنّ الرجاء من لوازم المعرفة ، عن عبد الله بن سنان ، عن الإمام الصادق عليه السلام : أوحى الله عزّ وجلّ إلى داود عليه السلام : إنّ العبد من عبادي لَيأتيني بالحسنة فأُبيحه