جنّتي ، فقال داود عليه السلام : يا ربِّ وما تلك الحسنة؟ قال : يُدخِل على عبديَ المؤمنِ سروراً ولو بتمرةٍ ، قال داود عليه السلام : يا ربّ ، حقٌّ لِمَن عَرَفك أن لا يقطع رجاءه منك (١).
إنّ إغاثة الملهوف وإعاذة الطريد من الأخلاق العالية التي يُمدَح بها الإنسان ، وكان ذلك موضع فخر المادحين لما لها من الأثر البليغ المعبّر عن المروءة والإنصاف وكرم الطباع ، حتّى أنّ التاريخ يحدّثنا أنَّ الجراد لجأ إلى خيمة رجل عربي (٢) ، فجاء الصيّادون فقالوا له : إنّ الجراد لجأ إلى خيتمك ونريد اصطياده ، فوضع السهم في كَبِد قوسه وقال : والله لا أُمكّنكم ممّن استجار بي. فصار مضرب المثل في فضيلة الإجارة وسمّي «مُجيرَ الجَراد» (٣) ، وكرمُ الله أعظم من كلّ كرم ، وجوده أوسع من كلّ جود.
قال الشيخ المفيد : ولمّا سمع مسلم بن عقيل مجيء عبيد الله بن زياد إلى الكوفة ، ومقالته التي قالها ، وما أخذ به العرفاء والناس ، خرج من دار المختار حتّى انتهى إلى دار هاني بن عروة ، فدخلها فأخذت الشيعة تختلف إليه في دار هاني على تستُّرٍ واستخفاء من عبيد الله ، وتَواصَوا بالكتمان.
إلى أن قال : فجاء هاني حتّى دخل على عبيد الله بن زياد وعنده القوم ، فلمّا طلع قال عبيد الله : أتَتْك بخائنٍ رِجْلاه ... ثمَّ قال عبيد الله : والله لا تفارقني أبداً حتّى تأتيني بمسلم بن عقيل ، قال هاني : لا والله لا أجيئك به أبداً ، أجيئك بضيفي تقتله؟! ... فقال ابن زياد : أدنوه منّي. فأدنَوه منه ، فقال : والله لتأتيني به أو لأضربنَّ عنقك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكافي ٢ : ١٨٩ / ح ٥.
٢ ـ وهو مُدلج بن سُوَيد الطائيّ ، ذكر ذلك أيضاً : الزَّبيدي في [تاج العروس ٤ : ٣٨٩].
٣ ـ الكنى والألقاب ٣ : ١٣٢.