المبحث الحادي والثلاثون : في التربية
قال عليه السلام : اِلهي رَبَّيْتَني في نِعَمِكَ وَاِحْسانِكَ صَغيراً ، وَنَوَّهْتَ بِاسْمي كَبيراً ، فَيا مَنْ رَبّاني فِي الدُّنْيا بِاِحْسانِهِ وَتَفَضُّلِهِ وَنِعَمِهِ ، وَاَشارَ لي فِي الْآخِرَةِ اِلى عَفْوِهِ وَكَرَمِهِ.
التربية : هي إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام ، ولا يقال «الربّ» مطلقاً إلّا لله تعالى المتكفّل بمصلحة الموجودات ؛ لأنّه وحده المتولّي لمصالح العباد. ويقال : ربّ الدار وربّ الفرس لصاحبهما ، هذا شيء ممّا ذكره الراغب في «المفردات» (١).
ويقال : نوّه باسمه ، أي رفع ذِكْرَه ، ومَدَحه وعظّمه.
وإذا عرف الله الإخلاص من عبده جعل ذِكرَه الجميل على كلّ لسان ، ونقله من حال إلى أحسن حال.
لقد خلق الله الإنسان ـ كما صرّح في كتابه الكريم وهو أصدق القائلين ـ في أحسن تقويم ، قال سبحانه وتعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (٢).
فأوّل نِعَم الله سبحانه على العبد أن أخرجه من عالم العدم إلى عالم الوجود ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ مفردات غريب القرآن : ١٨٤.
٢ ـ التين : ٤.