المبحث التاسع والثلاثون : في الغفلة
قال عليه السلام : عَظُمَ يا سَيِّدي اَمَلي ، وَساءَ عَمَلي ، فَاَعْطِني مِنْ عَفْوِكَ بِمِقْدارِ اَمَلي ، وَلا تُؤاخِذْني بِأَسْوَءِ عَمَلي ، فَاِنَّ كَرَمَكَ يَجِلُّ عَنْ مُجازاةِ الْمُذْنِبينَ ، وَحِلْمَكَ يَكْبُرُ عَنْ مُكافاةِ الْمُقَصِّرينَ ، وَاَنَا يا سَيِّدي عائِذٌ بِفَضْلِكَ ، هارِبٌ مِنْكَ اِلَيْكَ ، مُتَنَجِّزٌ ما وَعَدْتَ مِنَ الصَّفْحِ عَمَّنْ اَحْسَنَ بِكَ ظَنّاً.
اعتراف جميل بالتقصير ، وإقرار على النفس بممارسة الذنوب واقتراف المعاصي ، وتوجّه رائع أصيل لطلب العفو المأمول وعدم المؤاخذة على الذنب ، وإلّا كان في ذلك الهلاك الأكيد. إنّ كرم الله واسع ، وحمله كبير على المقصّرين ، ومَن منّا لا يَعدّ نفسه مقصّراً؟ ومَن منّا لا يعيش تحت خيمة الإمهال الإلهيّ؟
قال تعالى : (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا) (١).
ومن موجبات ما يقع فيه الإنسان من تقصير مع ربّه ومع نفسه هو الغفلة ، ذلكَ المرض القلبيّ الأصل الذي تتفرّع منه مجموعة من الرذائل والمهلكات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١ ـ الكهف : ٥٨.